الكشاف عن حقائق التنزيل للزمخشري - الزمخشري  
{وَلَوۡ نَشَآءُ لَطَمَسۡنَا عَلَىٰٓ أَعۡيُنِهِمۡ فَٱسۡتَبَقُواْ ٱلصِّرَٰطَ فَأَنَّىٰ يُبۡصِرُونَ} (66)

الطمس : تعفية شق العين حتى تعود ممسوحة { فاستبقوا الصراط } لا يخلو من أن يكون على حذف الجار وإيصال الفعل . والأصل : فاستبقوا إلى الصراط . أو يضمن معنى ابتدروا . أو يجعل الصراط مسبوقاً لا مسبوقاً إليه . أو ينتصب على الظرف . والمعنى : أنه لو شاء لمسح أعينهم ، فلو راموا أن يستبقوا إلى الطريق المهيع الذي اعتادوا سلوكه إلى مساكنهم وإلى مقاصدهم المألوفة التي تردّدوا إليها كثيراً - كما كانوا يستبقون إليه ساعين في متصرفاتهم موضعين في أمور دنياهم - لم يقدروا ، وتعايى عليهم أن يبصروا ويعلموا جهة السلوك فضلاً عن غيره . أو لو شاء لأعماهم ، فلوا أرادوا أن يمشوا مستبقين في الطريق المألوف - كما كان ذلك هجيراهم - لم يستطيعوا . أو لو شاء لأعماهم ، فلو طلبوا أن يخلفوا الصراط الذي اعتادوا المشي فيه لعجزوا ولم يعرفوا طريقاً ، يعني أنهم لا يقدرون إلا على سلوك الطريق المعتاد دون ما وراءه من سائر الطرق والمسالك ، كما ترى العميان يهتدون فيما ألفوا وضروا به من المقاصد دون غيرها .