كانوا يقولون لرسول الله صلى الله عليه وسلم : شاعر ، وروى أنّ القائل : عقبة بن أبي معيط ، فقيل : { وَمَا علمناه الشعر } أي : وما علمناه بتعليم القرآن الشعر ، على معنى : أنّ القرآن ليس بشعر وما هو من الشعر في شيء . وأين هو عن الشعر ، والشعر إنما هو كلام موزون مقفى ، يدل على معنى ، فأين الوزن ؟ وأين التقفية ؟ وأين المعاني التي ينتحيها الشعراء عن معانيه ؟ وأين نظم كلامهم من نظمه وأساليبه ؟ فإذاً لا مناسبة بينه وبين الشعر إذا حققت ، اللهمّ إلا أنّ هذا لفظه عربي ، كما أنّ ذاك كذلك { وَمَا يَنبَغِى لَهُ } وما يصح له ولا يتطلب لو طلبه ، أي : جعلناه بحيث لو أراد قرض الشعر لم يتأت له ولم يتسهل ، كما جعلناه أمّياً لا يتهدّى للخط ولا يحسنه ، لتكون الحجة أثبت والشبهة أدحض . وعن الخليل : كان الشعر أحب إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم من كثير من الكلام ، ولكن كان لا يتأتى له .
فإن قلت : فقوله : " أَنَا النَّبيُّ لاَ كَذِبْ أَنَا ابْنُ عَبْدِ الْمُطَّلِبْ " وقوله : " هَلْ أَنْتَ إلاَّ أُصْبُعٌ دَمِيتِ وَفِي سَبِيلِ اللَّهِ مَا لَقِيتِ " قلت : ما هو إلا كلام من جنس كلامه الذي كان يرمي به على السليقة ، من غير صنعة ولا تكلف ، إلا أنه اتفق ذلك من غير قصد إلى ذلك ولا التفات منه إليه إن جاء موزوناً ، كما يتفق في كثير من إنشاءات الناس في خطبهم ورسائلهم ومحاوراتهم أشياء موزونة لا يسميها أحد شعراً ولا يخطر ببال المتكلم ولا السامع أنها شعر ، وإذا فتشت في كل كلام عن نحو ذلك وجدت الواقع في أوزان البحور غير عزيز ، على أن الخليل ما كان يعدّ المشطور من الرجز شعراً ، ولما نفى أن يكون القرآن من جنس الشعر قال : { إنْ هُوَ إِلاَّ ذِكْرٌ وَقُرْءَانٌ مُّبِينٌ } يعني : ما هو إلا ذكر من الله تعالى يوعظ به الإنس والجنّ ، كما قال : { إِنْ هُوَ إِلاَّ ذِكْرٌ للعالمين } [ التكوير : 27 ] وما هو إلا قرآن كتاب سماوي ، يقرأ في المحاريب ، ويتلى في المتعبدات ، وينال بتلاوته والعمل بما فيه فوز الدارين ، فكم بينه وبين الشعر الذي هو من همزات الشياطين ؟
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.