الكشاف عن حقائق التنزيل للزمخشري - الزمخشري  
{إِنَّآ أَخۡلَصۡنَٰهُم بِخَالِصَةٖ ذِكۡرَى ٱلدَّارِ} (46)

«أخلصناهم » جعلناهم لنا خالصين { بِخَالِصَةٍ } بخصلة خالصة لا شوب فيها ، ثم فسرها بذكرى الدار ، شهادة لذكرى الدار بالخلوص والصفاء وانتفاء الكدورة عنها . وقرىء : على الإضافة . والمعنى : بما خلص من ذكرى الدار ، على أنهم لا يشوبون ذكرى الدار بهمّ آخر ، إنما همهم ذكرى الدار لا غير . ومعنى { ذِكْرَى الدار } : ذكراهم الآخرة دائباً ، ونسيانهم إليها ذكر الدنيا . أو تذكيرهم الآخرة وترغيبهم فيها ، وتزهيدهم في الدنيا ؛ كما هو شأن الأنبياء وديدنهم . وقيل : ذكرى الدار . الثناء الجميل في الدنيا ولسان الصدق الذي ليس لغيرهم .

فإن قلت : ما معنى { أخلصناهم بِخَالِصَةٍ } ؟ قلت : معناه : أخلصناهم بسبب هذه الخصلة ، وبأنهم من أهلها . أو أخلصناهم بتوفيقهم لها ، واللطف بهم في اختيارها . وتعضد الأوّل قراءة من قرأ : «بخالصتهم » .