مفاتيح الغيب للرازي - الفخر الرازي [إخفاء]  
{إِذۡ يَغۡشَى ٱلسِّدۡرَةَ مَا يَغۡشَىٰ} (16)

قوله تعالى : { إذ يغشى السدرة ما يغشى } فيه مسائل :

المسألة الأولى : العامل في { إذ } ما قبلها أو ما بعدها فيه وجهان ، فإن قلنا ما قبلها ففيه احتمالان : أظهرهما { رءاه } أي رآه وقت ما يغشى السدرة الذي يغشى ، والاحتمال الآخر العامل فيه الفعل الذي في النزلة ، تقديره { رآه نزلة أخرى } تلك النزلة وقت ما يغشى السدرة ما يغشى ، أي نزوله لم يكن إلا بعد ما ظهرت العجائب عند السدرة وغشيها ما غشى فحينئذ نزل محمد نزلة إشارة إلى أنه لم يرجع من غير فائدة ، وإن قلنا ما بعده ، فالعامل فيه { ما زاغ البصر } أي ما زاغ بصره وقت غشيان السدرة ما غشيها ، وسنذكره عند تفسير الآية .

المسألة الثانية : قد ذكرت أن في بعض الوجوه { سدرة المنتهى } هي الحيرة القصوى ، وقوله { يغشى السدرة } على ذلك الوجه ينادي بالبطلان ، فهل يمكن تصحيحه ؟ نقول يمكن أن يقال المراد من الغشيان غشيان حالة على حالة ، أي ورد على حالة الحيرة حالة الرؤية واليقين ، ورأى محمد صلى الله عليه وسلم عندما حار العقل ما رآه وقت ما طرأ على تلك الحالة ما طرأ من فضل الله تعالى ورحمته ، والأول هو الصحيح ، فإن النقل الذي ذكرنا من أن السدرة نبقها كقلال هجر يدل على أنها شجرة .

المسألة الثالثة : ما الذي غشى السدرة ؟ نقول فيه وجوه : ( الأول ) فراش أو جراد من ذهب وهو ضعيف ، لأن ذلك لا يثبت إلا بدليل سمعي ، فإن صح فيه خبر فلا يبعد من جواز التأويل ، وإن لم يصح فلا وجه له ( الثاني ) الذي يغشى السدرة ملائكة يغشونها كأنهم طيور ، وهو قريب ، لأن المكان مكان لا يتعداه الملك ، فهم يرتقون إليه متشرفين به متبركين زائرين ، كما يزور الناس الكعبة فيجتمعون عليها ( الثالث ) أنوار الله تعالى ، وهو ظاهر ، لأن النبي صلى الله عليه وسلم لما وصل إليها تجلى ربه لها ، كما تجلى للجبل ، وظهرت الأنوار ، لكن السدرة كانت أقوى من الجبل وأثبت ، فجعل الجبل دكا ، ولم تتحرك الشجرة ، وخر موسى صعقا ، ولم يتزلزل محمد ( الرابع ) هو مبهم للتعظيم ، يقول القائل : رأيت ما رأيت عند الملك ، يشير إلى الإظهار من وجه ، وإلى الإخفاء من وجه .

المسألة الرابعة : { يغشى } يستر ، ومنه الغواشي أو من معنى الإتيان ، يقال فلا يغشاني كل وقت ، أي يأتيني ، والوجهان محتملان ، وعلى قول من يقول : الله يأتي ويذهب ، فالإتيان أقرب .

 
في ظلال القرآن لسيد قطب - سيد قطب [إخفاء]  
{إِذۡ يَغۡشَى ٱلسِّدۡرَةَ مَا يَغۡشَىٰ} (16)

ويذكر ما لابس هذه الرؤية عند سدرة المنتهى . زيادة في التوكيد واليقين : ( إذ يغشى السدرة ما يغشى ) . . مما لا يفصله ولا يحدده . فقد كان أهول وأضخم من الوصف والتحديد .

 
أنوار التنزيل وأسرار التأويل للبيضاوي - البيضاوي [إخفاء]  
{إِذۡ يَغۡشَى ٱلسِّدۡرَةَ مَا يَغۡشَىٰ} (16)

{ إذ يغشى السدرة ما يغشى } تعظيم وتكثير لما يغشاها بحيث لا يكتنهها نعت ولا يحصيها عد ، وقيل يغشاها الجم الغفير من الملائكة يعبدون الله عندها .

 
لطائف الإشارات للقشيري - القشيري [إخفاء]  
{إِذۡ يَغۡشَى ٱلسِّدۡرَةَ مَا يَغۡشَىٰ} (16)

قوله جلّ ذكره : { إِذْ يَغْشَى السِّدْرَةَ مَا يَغْشَى } .

يغشاها ما يغشاها من الملائكة ما الله أعلمُ به .

وفي خبر : " يغشاها رفرف طير خُضْرٍ " .

ويقال : يغشاها فَرَاشٌ من ذَهَبٍ .

ويقال : أُعْطِيَ رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) عندها خواتيم البقرة . وغُفِرَ لمن مات من أُمَّتِه لا يشرك بالله شيئاً .

 
تفسير القرآن الكريم لعبد الله شحاته - شحاته [إخفاء]  
{إِذۡ يَغۡشَى ٱلسِّدۡرَةَ مَا يَغۡشَىٰ} (16)

1

16-{ إِذْ يَغْشَى السِّدْرَةَ مَا يَغْشَى } .

أي : تلك السدرة التي يحيط بها من الخلائق الدالة على عظمة الله وجلاله ما يحيط ، مما لا يحصره وصف ولا عدّ ، وهذا في رأي الأكثرين يشعر بالتعظيم والتكثير .

وقيل : غشيتها الملائكة لتنظر على النبي محمد صلى الله عليه وسلم ليلة الإسراء والمعراج ، وقيل : تغشاها أنوار الله ، فما تستطيع العين أن تنظر إليها ، أو تنعتها من حسنها .

   
روح المعاني في تفسير القرآن والسبع المثاني للآلوسي - الآلوسي [إخفاء]  
{إِذۡ يَغۡشَى ٱلسِّدۡرَةَ مَا يَغۡشَىٰ} (16)

{ إِذْ يغشى السدرة مَا يغشى } متعلق برآه ، وقيل : بما بعد من الجملة المنفية ولا يضر التقدم على { مَا } النافية للتوسع في الظرف والغشيان بمعنى التغطية والستر ، ومنه الغواشى أو بمعنى الاتيان يقال فلان يغشى زيداً كل حين أي يأتيه . والأول هو الأليق بالمقام ، وفي إبهام { مَا يغشى } من التفخيم ما لا يخفى فكأن الغاشي أمر لا يحيط به نطاق البيان ولا تسعه أردان الأذهان ، وصيغة المضارع لحاكية الحالة الماضية استحضاراً لصورتها البديعة ، وجوز أن يكون للإيذان باستمرار الغشيان بطريق التجدد ، وورد في بعض الأخبار تعيين هذا الغاشي ، فعن الحسن غشيها نور رب العزة جل شأنه فاستنارت . ونحوه ما روي عن أبي هريرة يغشاها نور الخلاق سبحانه ، وعن ابن عباس غشيها رب العزة عز وجل وهو من التشابه ، وقال ابن مسعود . ومجاهد . وإبراهيم : يغشاها جراد من ذهب ، وروي عن مجاهد أن ذلك تبدل أغصانها لؤلؤاً وياقوتاً وزبر جداً .

وأخرج عبد بن حميد عن سلمة قال : استأذنت الملائكة الرب تبارك وتعالى أن ينظروا إلى النبي صلى الله عليه وسلم فأذن لهم فغشيت الملائكة السدرة لينظروا إليه عليه الصلاة والسلام ، وفي حديث «رأيت على كل ورقة من ورقة ملكاً قائماً يسبح الله تعالى وقيل : يغشاها رفرف من طير خضر ، والإبهام على هذا كله على نحو ما تقدم .