الكشف والبيان في تفسير القرآن للثعلبي - الثعلبي  
{إِذۡ يَغۡشَى ٱلسِّدۡرَةَ مَا يَغۡشَىٰ} (16)

{ إِذْ يَغْشَى السِّدْرَةَ مَا يَغْشَى } قال ابن مسعود وأصحابه : فراش من ذهب ، وهي رواية الضحاك عن ابن عباس ، ورفعه إلى النبي صلى الله عليه وسلم قال الحسن : غشيها نور ربّ العزة فاستنارت ، وقيل : الملائكة ، ويروى أنّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : " رأيت على كلّ ورقة من ورقها ملكاً قائماً يسبّح الله عزّ وجل " ، وروى الربيع عن أبي هريرة أو غيره قال : لمّا أُسري بالنبي صلى الله عليه وسلم انتهى إلى السدرة ، قال : فغشيها نور الخلائق وغشيها الملائكة من حب الله مثل الغربان حين يقعن على الشجر .

قال : فكلّمه عند ذلك وقال له : سل .

وفي الحديث أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : " فغشيها رفرف من طير خضر " .

قال السدي : من الطيور فوقها ، وروى أنس عن النبي صلى الله عليه وسلم أنّه قال : " انتهيت إلى السدرة وأنا لأعرف أنّها سدرة ، أعرف ورقها وثمرها ، وإذا ينعها مثل الجرار ، وإذا ورقها مثل آذان الفيلة . فلمّا غشيها من أمر الله ما غشيها تحولت ياقوتاً وزمرداً حتى ما يستطيع أحد يصفها ، عندها جنة المأوى " .

قال ابن عباس : هي يمين العرش ، وهي منزلة الشهداء ، نظيره

{ فَلَهُمْ جَنَّاتُ الْمَأْوَى } [ السجدة : 19 ] وأخبرنا الحسن بن محمد قال : حدّثنا أبوعبدالله عمر بن أحمد بن محمد بن الحرث القضباني . قال : حدّثنا علي بن العباس المقانعي ، قال : حدّثنا ميمون بن الأصبع ، قال : حدّثنا يحيى بن صالح الوحاطي قال : حدّثنا محمد بن سليمان بن حمزة البصري ، قال : حدّثنا عبدالله بن أبي قيس ، قال سمعت عبد الله بن الزبير يقرأ هذه الآية { عِندَهَا جَنَّةُ } بالهاء { الْمَأْوَى } يعني جنّة المبيت ، وأخبرني ابن فنجويه قال : حدّثنا طلحة بن محمد وعبيد الله بن أحمد قالا : حدّثنا أبو بكر بن مجاهد ، قال : حدّثني أبو صدقة قال : حدّثنا أبو الأسباط قال : حدّثنا عبد الرَّحْمن عن علي بن القاسم الكندي عن موسى بن عبيدة ، قال : سمعت محمد بن كعب القرظي يقرأ { جَنَّةُ الْمَأْوَى } وقال مجاهد : يريد أجنّه ، والهاء في هذه القراءة كناية عن النبي صلى الله عليه وسلم قال أبو حاتم : وهي قراءة علي وأنس يعني ستره ، وقال الأخفش : أدركه .