البحر المحيط لأبي حيان الأندلسي - أبو حيان  
{إِذۡ يَغۡشَى ٱلسِّدۡرَةَ مَا يَغۡشَىٰ} (16)

{ إذ يغشى السدرة ما يغشى } : فيه بإبهام الموصول وصلته تعظيم وتكثير للغاشي الذي يغشاه ، إذ ذاك أشياء لا يعلم وصفها إلا الله تعالى .

وقيل : يغشاها الجم الغفير من الملائكة ، يعبدون الله عندها .

وقيل : ما يغشى من قدرة الله تعالى ، وأنواع الصفات التي يخترعها لها .

وقال ابن مسعود وأنس ومسروق ومجاهد وإبراهيم : ذلك جراد من ذهب كان يغشاها .

وقال مجاهد : ذلك تبدل أغصانها درّاً وياقوتاً .

وروي في الحديث : « رأيت على كل ورقة من ورقها ملكاً قائماً يسبح الله تعالى » وأيضاً : يغشاها رفرف أخضر ، وأيضاً : تغشاها ألوان لا أدري ما هي .

وعن أبي هريرة : يغشاها نور الخلاق .

وعن الحسن : غشيها نور رب العزة فاستنارت .

وعن ابن عباس : غشيها رب العزة ، أي أمره ، كما جاء في صحيح مسلم مرفوعاً ، فلما غشيها من أمر الله ما غشي ، ونظير هذا الإبهام للتعظيم : { فأوحى إلى عبده ما أوحى } ، { والمؤتفكة أهوى فغشاها ما غشى } .