فتح البيان في مقاصد القرآن للقنوجي - صديق حسن خان  
{إِذۡ يَغۡشَى ٱلسِّدۡرَةَ مَا يَغۡشَىٰ} (16)

{ إذ يغشى السدرة ما يغشى } الغشيان بمعنى التغطية والستر ، وبمعنى الإتيان ، يقال : فلان يغشاني كل حين أن يأتيني ، وفي إبهام الموصول وصلته من التفخيم والتكثير للغواشي ما لا يخفى ، فقد علم بهذه العبارة أن ما يغشاها من الخلائق الدالة على عظمة الله تعالى وجلالته ، أشياء لا يحيط بها الوصف ، ولا يكتنهها نعت ولا يحصيها عدد ، وقيل : يغشاها جراد من ذهب ، وقال ابن مسعود : فراش من ذهب ، قال الرازي : وهذا ضعيف ، لأن ذلك لا يثبت إلا بدليل سمعي ، فإن صح فيه خبر وإلا فلا وجه له ، وقيل : طوائف من الملائكة ، وقال مجاهد : رفرف أخضر ، وقيل : رفرف من طيور خضر ، وقيل غشيها أمر الله ، وقيل نور الخلائق ، وقيل نور رب العزة ، والمجيء بالمضارع لحكاية الحال الماضية استحضارا للصورة البديعة أو للدلالة على الإستمرار التجددي .