قوله تعالى { ولما دخلوا من حيث أمرهم أبوهم ما كان يغني عنهم من الله من شيء إلا حاجة في نفس يعقوب قضاها وإنه لذو علم لما علمناه ولكن أكثر الناس لا يعلمون }
قال المفسرون : لما قال يعقوب : { وما أغنى عنكم من الله من شيء } صدقه الله في ذلك فقال : وما كان ذلك التفرق يغني من الله من شيء وفيه بحثان :
البحث الأول : قال ابن عباس رضي الله عنهما : ذلك التفرق ما كان يرد قضاء الله ولا أمرا قدره الله . وقال الزجاج : إن العين لو قدر أن تصيبهم لأصابتهم وهم متفرقون كما تصيبهم وهم مجتمعون . وقال ابن الأنباري : لو سبق في علم الله أن العين تهلكهم عند الاجتماع لكان تفرقهم كاجتماعهم ، وهذه الكلمات متقاربة ، وحاصلها أن الحذر لا يدفع القدر .
البحث الثاني : قوله : { من شيء } يحتمل النصب بالمفعولية والرفع بالفاعلية .
أما الأول : فهو كقوله : ما رأيت من أحد ، والتقدير : ما رأيت أحدا ، فكذا ههنا تقدير الآية : أن تفرقهم ما كان يغني من قضاء الله شيئا ، أي ذلك التفرق ما كان يخرج شيئا من تحت قضاء الله تعالى .
وأما الثاني : فكقولك : ما جاءني من أحد ، وتقديره ما جاءني أحد ، فكذا ههنا التقدير : ما كان يغني عنهم من الله شيء مع قضائه .
أما قوله : { إلا حاجة في نفس يعقوب قضاها } فقال الزجاج : إنه استثناء منقطع ، والمعنى : لكن حاجة في نفس يعقوب قضاها ، يعني أن الدخول على صفة التفرق قضاء حاجة في نفس يعقوب قضاها ، ثم ذكروا في تفسير تلك الحاجة وجوها : أحدها : خوفه عليهم من إصابة العين ، وثانيها : خوفه عليهم من حسد أهل مصر ، وثالثها : خوفه عليهم من أن يقصدهم ملك مصر بشر ، ورابعها : خوفه عليهم من أن لا يرجعوا إليه ، وكل هذه الوجوه متقاربة .
وأما قوله : { وإنه لذو علم لما علمناه } فقال الواحدي : يحتمل أن يكون { ما } مصدرية والهاء عائدة إلى يعقوب ، والتقدير : وإنه لذو علم من أجل تعليمنا إياه ، ويمكن أن تكون { ما } بمعنى الذي والهاء عائدة إليها ، والتأويل وإنه لذو علم للشيء الذي علمناه ، يعني أنا لما علمناه شيئا حصل له العلم بذلك الشيء وفي الآية قولان آخران : الأول : أن المراد بالعلم الحفظ ، أي أنه لذو حفظ لما علمناه ومراقبة له والثاني : لذو علم لفوائد ما علمناه وحسن آثاره وهو إشارة إلى كونه عاملا بما علمه ، ثم قال : { ولكن أكثر الناس لا يعلمون } وفيه وجهان : الأول : ولكن أكثر الناس لا يعلمون مثل ما علم يعقوب . والثاني : لا يعلمون أن يعقوب بهذه الصفة والعلم ، والمراد بأكثر الناس المشركون ، فإنهم لا يعلمون بأن الله كيف أرشد أولياءه إلى العلوم التي تنفعهم في الدنيا والآخرة .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.