أما قوله : { لا يحزنهم الفزع الأكبر } فالفزع الأكبر هو عذاب الكفار ، وهذا بطريق المفهوم يقتضي أنهم يحزنهم الفزع الأصغر ، فإن لم يدل عليه فلا أقل من أن لا يدل على ثبوته ولا على عدمه . الوجه الثاني : في تفسير قوله : { أولئك عنها مبعدون } أن المراد الذين سبقت لهم منا الحسنى لا يدخلون النار ولا يقربونها ألبتة ، وعلى هذا القول بطل قول من يقول : إن جميع الناس يردون النار ثم يخرجون إلى الجنة ، لأن هذه الآية مانعة منه وحينئذ يجب التوفيق بينه وبين قوله : { وإن منكم إلا واردها } وقد تقدم . الصفة الثانية : قوله تعالى : { لا يسمعون حسيسها } والحسيس الصوت الذي يحس ، وفيه سؤالان : الأول : أي وجه في أن لا يسمعوا حسيسها من البشارة ولو سمعوه لم يتغير حالهم . قلنا : المراد تأكيد بعدهم عنها لأن من لم يدخلها وقرب منها قد يسمع حسيسها . السؤال الثاني : أليس أن أهل الجنة يرون أهل النار فكيف لا يسمعون حسيس النار ؟ الجواب : إذا حملناه على التأكيد زال هذا السؤال . الصفة الثالثة : قوله : { وهم فيما اشتهت أنفسهم خالدون } والشهوة طلب النفس للذة يعني نعيمها مؤبد ، قال العارفون : للنفوس شهوة وللقلوب شهوة وللأرواح شهوة ، وقال الجنيد : سبقت العناية في البداية ، فظهرت الولاية في النهاية . الصفة الرابعة : قوله : { لا يحزنهم الفزع الأكبر } وفيه وجوه : أحدها : أنها النفخة الأخيرة لقوله تعالى : { ويوم ينفخ في الصور ففزع من في السماوات ومن في الأرض } . وثانيها : أنه الموت قالوا : إذا استقر أهل الجنة في الجنة وأهل النار في النار بعث الله تعالى جبريل عليه السلام ومعه الموت في صورة كبش أملح فيقول لأهل الدارين أتعرفون هذا فيقولون : لا فيقول هذا الموت ثم يذبحه ثم ينادي يا أهل الجنة خلود ولا موت أبدا ، وكذلك لأهل النار ، واحتج هذا القائل بأن قوله : { لا يحزنهم الفزع الأكبر } إنما ذكر بعد قوله : { وهم فيها خالدون } فلا بد وأن يكون لأحدهما تعلق بالآخر ، والفزع الأكبر الذي هو ينافي الخلود هو الموت . وثالثها : قال سعيد بن جبير هو إطباق النار على أهلها فيفزعون لذلك فزعة عظيمة ، قال القاضي عبد الجبار : الأولى في ذلك إنه الفزع من النار عند مشاهدتها لأنه لا فزع أكبر من ذلك ، فإذا بين تعالى أن ذلك لا يحزنهم فقد صح أن المؤمن آمن من أهوال يوم القيامة ، وهذا ضعيف لأن عذاب النار على مراتب فعذاب الكفار أشد من عذاب الفساق ، وإذا كانت مراتب التعذيب بالنار متفاوتة كانت مراتب الفزع منها متفاوتة ، فلا يلزم من نفي الفزع الأكبر نفي الفزع من النار .
الصفة الخامسة : قوله : { وتتلقاهم الملائكة هذا يومكم الذي كنتم توعدون } قال الضحاك : هم الحفظة الذين كتبوا أعمالهم وأقوالهم ويقولون لهم مبشرين : { هذا يومكم الذي كنتم توعدون } .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.