مفاتيح الغيب للرازي - الفخر الرازي  
{قُلۡ مَآ أَسۡـَٔلُكُمۡ عَلَيۡهِ مِنۡ أَجۡرٍ إِلَّا مَن شَآءَ أَن يَتَّخِذَ إِلَىٰ رَبِّهِۦ سَبِيلٗا} (57)

أما قوله : { إلا من شاء } فذكروا فيه وجوها متقاربة أحدها : لا يسألهم على الأداء والدعاء أجرا إلا أن يشاءوا أن يتقربوا بالإنفاق في الجهاد وغيره ، فيتخذوا به سبيلا إلى رحمة ربهم ونيل ثوابه . وثانيها : قال القاضي : معناه لا أسألكم عليه أجرا لنفسي وأسألكم أن تطلبوا الأجر لأنفسكم باتخاذ السبيل إلى ربكم . وثالثها : قال صاحب الكشاف : مثال قوله : { إلا من شاء } والمراد إلا فعل من شاء ، واستثناؤه عن الأجر قول ذي شفقة عليك قد سعى لك في تحصيل مال ما أطلب منك ثوابا على ما سعيت ، إلا أن تحفظ هذا المال ولا تضيعه ، فليس حفظك المال لنفسك من جنس الثواب ، ولكن صوره هو بصورة الثواب وسماه باسمه فأفاد فائدتين إحداهما قلع شبهة الطمع في الثواب من أصله كأنه يقول لك إن كان حفظك لمالك ثوابا ، فإني أطلب الثواب ، والثانية إظهار الشفقة البالغة ، وأن حفظك لمالك يجري مجرى الثواب العظيم الذي توصله إلي ، ومعنى اتخاذهم إلى الله سبيلا ، تقربهم إليه وطلبهم عنده الزلفى بالإيمان والطاعة ، وقيل المراد التقرب بالصدقة والنفقة في سبيل الله .