مفاتيح الغيب للرازي - الفخر الرازي  
{إِنَّ هَٰذَا ٱلۡقُرۡءَانَ يَقُصُّ عَلَىٰ بَنِيٓ إِسۡرَـٰٓءِيلَ أَكۡثَرَ ٱلَّذِي هُمۡ فِيهِ يَخۡتَلِفُونَ} (76)

{ إن هذا القرآن يقص على بني إسرائيل أكثر الذي هم فيه يختلفون وإنه لهدى ورحمة للمؤمنين إن ربك يقضي بينهم بحكمه وهو العزيز العليم فتوكل على الله إنك على الحق المبين إنك لا تسمع الموتى ولا تسمع الصم الدعاء إذا ولوا مدبرين ومآ أنت بهادي العمي عن ضلالتهم إن تسمع إلا من يؤمن بآياتنا فهم مسلمون } .

اعلم أنه سبحانه لما تمم الكلام في إثبات المبدإ والمعاد ، ذكر بعد ذلك ما يتعلق بالنبوة ، ولما كانت العمدة الكبرى في إثبات نبوة محمد صلى الله عليه وسلم هو القرآن ، لا جرم بين الله تعالى أولا كونه معجزة من وجوه أحدها : أن الأقاصيص المذكورة في القرآن موافقة لما كانت مذكورة في التوراة والإنجيل مع العلم بأنه عليه الصلاة والسلام كان أميا ، وأنه لم يخالط أحدا من العلماء ولم يشتغل قط بالاستفادة والتعلم ، فإذن لا يكون ذلك إلا من قبل الله تعالى ، واختلفوا فقال بعضهم أراد به ما اختلفوا فيه وتباينوا ، وقال آخرون أراد به ما حرفه بعضهم ، وقال بعضهم بل أراد به أخبار الأنبياء ، والأول أقرب .