فتح الرحمن في تفسير القرآن لتعيلب - تعيلب  
{إِنَّ هَٰذَا ٱلۡقُرۡءَانَ يَقُصُّ عَلَىٰ بَنِيٓ إِسۡرَـٰٓءِيلَ أَكۡثَرَ ٱلَّذِي هُمۡ فِيهِ يَخۡتَلِفُونَ} (76)

{ بني إسرائيل } أبناء إسرائيل وذريته ، وهو يعقوب عليه السلام .

{ إن هذا القرآن يقص على بني إسرائيل أكثر الذي هم فيه يختلفون76 وإنه لهدى ورحمة للمؤمنين 77 إن ربك يقضي بينهم بحكمه وهو العزيز العليم78 فتوكل على الله إنك على الحق المبين79 إنك لا تسمع الموتى ولا تسمع الصم الدعاء إذا ولوا مدبرين80 وما أنت بهادي العمي عن ضلالتهم إن تسمع إلا من يؤمن بآياتنا فهم مسلمون81 }

الآيات المباركات التي سبقت بينت البرهان على جلال الله ، وعلى المبدأ والمعاد ، وهذه بينت هداية الكتاب المجيد إلى سنن الرشاد والدلالة على الحق الذي كتمه وحرفه الإسرائيليون مما جاءت به رسلهم ، فهذا القرآن الحكيم يسجل على بني إسرائيل أكثر ما اختلفوا فيه ، ويبين وجه الصدق فيما بدلوه من التوراة والإنجيل ، وما أخفوه منهما ليقطع عذرهم ، ويكشف زورهم ، فهو يعلمنا الكثير مما خالفوا فيه الوحي الإلهي ، ودلنا على القول الفصل ، والحكم العدل-{ أكثر الذي هم فيه يختلفون } أكثر ما تجدد واستمر اختلافهم فيه-{[2937]} لقد افتروا على ربنا الكبير المتعال أعظم الفرى )وقالت اليهود يد الله مغلولة غلت أيديهم ولعنوا بما قالوا بل يداه مبسوطتان ينفق كيف يشاء . . ( {[2938]} )وقالت اليهود عزير ابن الله وقالت النصارى المسيح ابن الله ذلك قولهم بأفواههم يضاهئون قول الذين كفروا من قبل قاتلهم الله أنى يؤفكون .

اتخذوا أحبارهم ورهبانهم أربابا من دون الله والمسيح ابن مريم وما أمروا إلا ليعبدوا إلها واحدا لا إله إلا هو سبحانه عما يشركون( {[2939]} ، واختلفوا في المسيح عيسى عليه الصلاة والسلام ، فمن قائل : هو الله- ) . . تعالى الله عما يقولون علوا كبيرا( {[2940]} ومن قائل : ثالث ثلاثة ، وقد أكذبهم القرآن العظيم فقال- وقوله الحق- : )لقد كفر الذين قالوا إن الله ثالث ثلاثة وما من إله إلا إله واحد وإن لم ينتهوا عما يقولون ليمسن الذين كفروا منهم عذاب أليم . أفلا يتوبون إلى الله ويستغفرونه والله غفور رحيم . ما المسيح ابن مريم إلا رسول قد خلت من قبله الرسل وأمه صديقة كانا يأكلان الطعام . . ( {[2941]} إلى أن يقول : ) . . أتعبدون من دون الله ما لا يملك لكم ضرا ولا نفعا . . ( {[2942]} )لقد كفر الذين قالوا إن الله هو المسيح ابن مريم قل فمن يملك من الله شيئا إن أراد أن يهلك المسيح ابن مريم وأمه ومن في الأرض جميعا . . ( {[2943]} ) . . وقال المسيح يا بني إسرائيل اعبدوا الله ربي وربكم . . ( {[2944]} )وقال الله لا تتخذوا إلهين اثنين إنما هو إله واحد . . ( {[2945]} ، كلما اختلفوا في مريم عليها السلام ، فمن قائل صديقة ، ومن قائل عليها بهتانا وإثما عظيما ، فبين الكتاب الحكيم رفعة قدرها في آيات محكمات ، منها : )وإذ قالت الملائكة يا مريم إن الله اصطفاك وطهرك واصطفاك على نساء العالمين( {[2946]} حتى اختلفوا في مآكلهم ومطاعمهم ، ونزل الوحي بالحق فقال الله سبحانه : ) كل الطعام كان حلا لبني إسرائيل إلا ما حرم إسرائيل على نفسه من قبل أن تنزل التوراة . . ( {[2947]}


[2937]:ما بين العارضتين مما أورد الألوسي رحمه الله.
[2938]:سورة المائدة. من الآية 64.
[2939]:سورة التوبة. الآيتان: 30، 31.
[2940]:سورة الإسراء. من الآية 43.
[2941]:سورة المائدة. الآيتان: 73، 74، ومن الآية 75.
[2942]:سورة المائدة. من الآية 76.
[2943]:سورة المائدة. من الآية 17.
[2944]:سورة المائدة. من الآية 72.
[2945]:سورة النحل. من الآية 51.
[2946]:سورة آل عمران. الآية42.
[2947]:سورة آل عمران. من الآية 93.