مفاتيح الغيب للرازي - الفخر الرازي  
{وَقَالَ ٱلَّذِينَ كَفَرُوٓاْ أَءِذَا كُنَّا تُرَٰبٗا وَءَابَآؤُنَآ أَئِنَّا لَمُخۡرَجُونَ} (67)

{ وقال الذين كفروا أئذا كنا ترابا وآباؤنا أئنا لمخرجون لقد وعدنا هذا نحن وآباؤنا من قبل إن هذا إلا أساطير الأولين قل سيروا في الأرض فانظروا كيف كان عاقبة المجرمين ولا تحزن عليهم ولا تكن في ضيق مما يمكرون ويقولون متى هذا الوعد إن كنتم صادقين قل عسى أن يكون ردف لكم بعض الذي تستعجلون وإن ربك لذو فضل على الناس ولكن أكثرهم لا يشكرون وإن ربك ليعلم ما تكن صدورهم وما يعلنون وما من غائبة في السماء والأرض إلا في كتاب مبين } .

اعلم أنه سبحانه لما تكلم في حال المبدأ تكلم بعده في حال المعاد ، وذلك لأن الشك في المعاد لا ينشأ إلا من الشك في كمال القدرة ، أو في كمال العلم . فإذا ثبت كونه تعالى قادرا على كل الممكنات ، وعالما بكل المعلومات ، ثبت أنه تعالى يمكنه تمييز أجزاء بدن كل واحد من المكلفين عن أجزاء بدن غيره ، وثبت أنه قادر على أن يعيد التركيب والحياة إليها ، وإذا ثبت إمكان ذلك ثبت صحة القول بالحشر ، فلما بين الله تعالى هذين الأصلين فيما قبل هذه الآية ، لا جرم لم يحكه في هذه الآية ، فحكى عنهم أنهم تعجبوا من إخراجهم أحياء وقد صاروا ترابا وطعنوا فيه من وجهين .