مفاتيح الغيب للرازي - الفخر الرازي  
{أَمَّن يَبۡدَؤُاْ ٱلۡخَلۡقَ ثُمَّ يُعِيدُهُۥ وَمَن يَرۡزُقُكُم مِّنَ ٱلسَّمَآءِ وَٱلۡأَرۡضِۗ أَءِلَٰهٞ مَّعَ ٱللَّهِۚ قُلۡ هَاتُواْ بُرۡهَٰنَكُمۡ إِن كُنتُمۡ صَٰدِقِينَ} (64)

{ أمن يبدأ الخلق ثم يعيده ومن يرزقكم من السمء والأرض أإله مع الله قل هاتوا برهانكم إن كنتم صادقين } .

النوع الخامس : ما يتعلق بالحشر والنشر

اعلم أنه تعالى لما عدد نعم الدنيا أتبع ذلك بنعم الآخرة بقوله : { أمن يبدأ الخلق ثم يعيده } لأن نعم الآخرة بالثواب لا تتم إلا بالإعادة بعد الابتداء والإبلاغ إلى حد التكليف فقد تضمن الكلام كل هذه النعم ، ومعلوم أنها لا تتم إلا بالأرزاق فلذلك قال : { ومن يرزقكم من السماء والأرض } ، ثم قال : { أإله مع الله } منكرا لما هم عليه ، ثم بين بقوله : { قل هاتوا برهانكم إن كنتم صادقين } أن لا برهان لكم فإذن هم مبطلون ، وهذا يدل على أنه لابد في الدعوى من وعلى فساد التقليد ، فإن قيل كيف قيل لهم : { أمن يبدأ الخلق ثم يعيده } وهم منكرون للإعادة ؟ جوابه : كانوا معترفين بالابتداء ، ودلالة الابتداء على الإعادة دلالة ظاهرة قوية ، فلما كان الكلام مقرونا بالدلالة الظاهرة صاروا كأنهم لم يبق لهم عذر في الإنكار ، وههنا آخر الدلائل المذكورة على كمال قدرة الله تعالى .