مفاتيح الغيب للرازي - الفخر الرازي  
{مَتَٰعٞ قَلِيلٞ ثُمَّ مَأۡوَىٰهُمۡ جَهَنَّمُۖ وَبِئۡسَ ٱلۡمِهَادُ} (197)

ثم قال تعالى : { متاع قليل } قيل : أي تقلبهم متاع قليل ، وقال الفراء : ذلك متاع قليل ، وقال الزجاج : ذلك الكسب والربح متاع قليل ، وإنما وصفه الله تعالى بالقلة لأن نعيم الدنيا مشوب بالآفات والحسرات ، ثم إنه بالعاقبة ينقطع وينقضي ، وكيف لا يكون قليلا وقد كان معدوما من الأزل إلى الآن ، وسيصير معدوما من الأزل إلى الأبد ، فإذا قابلت زمان الوجود بما مضى وما يأتي وهو الأزل والأبد ، كان أقل من أن يجوز وصفه بأنه قليل .

ثم قال تعالى : { ثم مأواهم جهنم } يعني أنه مع قلته يسبب الوقوع في نار جهنم أبد الآباد والنعمة القليلة إذا كانت سببا للمضرة العظيمة لم يعد ذلك نعمة ، وهو كقوله : { إنما نملى لهم ليزدادوا إثما } وقوله : { وأملى لهم إن كيدى متين } .

ثم قال : { وبئس المهاد } أي الفراش ، والدليل على أنه بئس المهاد قوله تعالى : { لهم من فوقهم ظلل من النار ومن تحتهم ظلل } فهم بين أطباق النيران ، ومن فوقهم غواش يأكلون النار ويشربون النار .