قوله تعالى : { لا يغرنك تقلب الذين كفروا في البلاد متاع قليل ثم مأواهم جهنم وبئس المهاد } .
واعلم أنه تعالى لما وعد المؤمنين بالثواب العظيم ، وكانوا في الدنيا في نهاية الفقر والشدة ، والكفار كانوا في النعم ، ذكر الله تعالى هذه الآية ما يسليهم ويصبرهم على تلك الشدة ، فقال : { لا يغرنك } وفيه مسائل :
المسألة الأولى : قد ذكرنا أن الغرور مصدر قولك : غررت الرجل بما يستحسنه في الظاهر ثم يجده عند التفتيش على خلاف ما يحبه ، فيقول : غرني ظاهره أي قبلته على غفلة عن امتحانه ، وتقول العرب في الثوب إذا نشر ثم أعيد إلى طيه : رددته على غرة .
المسألة الثانية : المخاطب في قوله : { لا يغرنك } من هو ؟ فيه قولان : الأول : أنه الرسول صلى الله عليه وسلم ولكن المراد هو الأمة . قال قتادة : والله ما غروا نبي الله صلى الله عليه وسلم حتى قبضه الله ، والخطاب وإن كان له إلا أن المراد غيره ، ويمكن أن يقال : السبب لعدم إغرار الرسول عليه السلام بذلك هو تواتر هذه الآيات عليه ، كما قال : { ولولا أن ثبتناك لقد كدت تركن إليهم شيئا قليلا } فسقط قول قتادة ، ونظيره قوله : { ولا تكن من الكافرين } { ولا تكونن من المشركين } { ولا تطع المكذبين } والثاني : وهو أن هذا خطاب لكل من سمعه من المكلفين ، كأنه قيل : لا يغرنك أيها السامع .
المسألة الثالثة : تقلب الذين كفروا في البلاد ، فيه وجهان : الأول : نزلت في مشركي مكة كانوا يتجرون ويتنعمون فقال بعض المؤمنين : إن أعداء الله فيما نرى من الخير وقد هلكنا من الجوع والجهد فنزلت الآية . والثاني : قال الفراء : كانت اليهود تضرب في الأرض فتصيب الأموال فنزلت هذه الآية ، والمراد بتقلب الذين كفروا في البلاد ، تصرفهم في التجارات والمكاسب ، أي لا يغرنكم أمنهم على أنفسهم وتصرفهم في البلاد كيف شاؤا ، وأنتم معاشر المؤمنين خائفون محضورون ، فإن ذلك لا يبقى إلا مدة قليلة ثم ينتقلون إلى أشد العذاب .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.