الصفة الخامسة : قوله تعالى : { والذين إذا أصابهم البغي هم ينتصرون } والمعنى أن يقتصروا في الانتصار على ما يجعله الله لهم ولا يتعدونه ، وعن النخعي أنه كان إذا قرأها قال كانوا يكرهون أن يذلوا أنفسهم فيجترئ عليهم السفهاء ، فإن قيل هذه الآية مشكلة لوجهين ( الأول ) أنه لما ذكر قبله { وإذا ما غضبوا هم يغفرون } فكيف يليق أن يذكر معه ما يجري مجرى الضد له وهو قوله { والذين إذا أصابهم البغي هم ينتصرون } ؟ ( الثاني ) وهو أن جميع الآيات دالة على أن العفو أحسن قال تعالى : { وأن تعفوا أقرب للتقوى } وقال : { وإذا مروا باللغو مروا كراما } وقال : { خذ العفو وأمر بالعرف وأعرض عن الجاهلين } وقال { وإن عاقبتم فعاقبوا بمثل ما عوقبتم به ولئن صبرتم لهو خير للصابرين } فهذه الآيات تناقض مدلول هذه الآية والجواب : أن العفو على قسمين ( أحدهما ) أن يكون العفو سببا لتسكين الفتنة وجناية الجاني ورجوعه عن جنايته ( والثاني ) أن يصير العفو سببا لمزيد جراءة الجاني ولقوة غيظه وغضبه ، والآيات في العفو محمولة على القسم الأول ، وهذه الآية محمولة على القسم الثاني ، وحينئذ يزول التناقض والله أعلم ، ألا ترى أن العفو عن المصر يكون كالإغراء له ولغيره ، فلو أن رجلا وجد عبده فجر بجاريته وهو مصر فلو عفا عنه كان مذموما ، وروي أن زينب أقبلت على عائشة فشتمتها فنهاها النبي صلى الله عليه وسلم عنها فلم تنته فقال النبي صلى الله عليه وسلم : «دونك فانتصري » وأيضا إنه تعالى لم يرغب في الانتصار بل بين أنه مشروع فقط ، ثم بين بعده أن شرعه مشروط برعاية المماثلة ، ثم بين أن العفو أولى بقوله { فمن عفا وأصلح فأجره على الله } فزال السؤال ، والله أعلم .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.