مفاتيح الغيب للرازي - الفخر الرازي  
{قَالُواْ يَٰقَوۡمَنَآ إِنَّا سَمِعۡنَا كِتَٰبًا أُنزِلَ مِنۢ بَعۡدِ مُوسَىٰ مُصَدِّقٗا لِّمَا بَيۡنَ يَدَيۡهِ يَهۡدِيٓ إِلَى ٱلۡحَقِّ وَإِلَىٰ طَرِيقٖ مُّسۡتَقِيمٖ} (30)

فعنده { قالوا يا قومنا إنا سمعنا كتابا أنزل من بعد موسى } ووصفوه بوصفين ( الأول ) كونه { مصدقا لما بين يديه } أي مصدقا لكتب الأنبياء ، والمعنى أن كتب سائر الأنبياء كانت مشتملة على الدعوة إلى التوحيد والنبوة والمعاد والأمر بتطهير الأخلاق فكذلك هذا الكتاب مشتمل على هذه المعاني ( الثاني ) قوله { يهدي إلى الحق وإلى طريق مستقيم } .

واعلم أن الوصف الأول يفيد أن هذا الكتاب يماثل سائر الكتب الإلهية في الدعوة إلى هذه المطالب العالية الشريفة ، والوصف الثاني يفيد أن هذه المطالب التي اشتمل القرآن عليها مطلب حقة صدق في أنفسها ، يعلم كل أحد بصريح عقله كونها كذلك ، سواء وردت الكتب الإلهية قبل ذلك بها أو لم ترد ، فإن قالوا كيف قالوا { من بعد موسى } ؟ قلنا قد نقلنا عن الحسن إنه قال إنهم كانوا على اليهودية ، وعن ابن عباس أن الجن ما سمعت أمر عيسى فلذلك قالوا من بعد موسى .