فتح الرحمن في تفسير القرآن لتعيلب - تعيلب  
{قَالُواْ يَٰقَوۡمَنَآ إِنَّا سَمِعۡنَا كِتَٰبًا أُنزِلَ مِنۢ بَعۡدِ مُوسَىٰ مُصَدِّقٗا لِّمَا بَيۡنَ يَدَيۡهِ يَهۡدِيٓ إِلَى ٱلۡحَقِّ وَإِلَىٰ طَرِيقٖ مُّسۡتَقِيمٖ} (30)

{ قالوا يا قومنا إنا سمعنا كتابا أنزل من بعد موسى مصدقا لما بين يديه } .

نادوا جماعتهم- حين وصلوا إليهم- أن قد سمعنا وحيا من الله تعالى ، وآيات بُعِث بها نبي أرسل بعد موسى ؛ والقرآن الذي سمعنا منه يصدق ما قبله من الكتب السماوية .

ولعلهم علموا برسالة موسى ولم يعلموا برسالة عيسى ، أو اعتبروا رسالة عيسى لتوكيد وتجديد ما أوتي موسى من قبل .

{ يهدي إلى الحق وإلى صراط مستقيم( 30 ) } .

يدل الكتاب – الذي سمعنا شيئا منه- ويبين كيفية الوصول إلى الحق والهدى والرشد ؛ والثبات على ذلك .

يقول أبو الفداء إسماعيل بن كثير : { يهدي إلى الحق } أي في الاعتقاد والأخبار{ وإلى طريق مستقيم } في الأعمال{[4644]} ؛ فإن القرآن مشتمل على شيئين : خبر وطلب ، فخبره صدق ، وطلبه عدل ، كما قال تعالى : { وتمت كلمة ربك صدقا وعدلا . . }{[4645]} وقال سبحانه : { هو الذي أرسل رسوله بالهدى ودين الحق . . }{[4646]} . فالهدى هو العلم النافع ، ودين الحق هو العمل الصالح ، وهكذا قالت الجن : { يهدي إلى الحق } في الاعتقادات { وإلى طريق مستقيم } أي في العمليات . . اه .


[4644]:ويمكن أن تشمل أعمال القلب والعقل كالإيمان والتفكر، وما تدل عليه من قريب وهو أعمال الجوارح.
[4645]:سورة الأنعام. من الآية 115.
[4646]:سورة الفتح. من الآية 28.