ثم إن الجن لما وصفوا القرآن بهذه الصفات الفاضلة قالوا { يا قومنا أجيبوا داعي الله } واختلفوا في أنه هل المراد بداعي الله الرسول أو الواسطة التي تبلغ عنه ؟ والأقرب أنه هو الرسول لأنه هو الذي يطلق عليه هذا الوصف .
واعلم أن قوله { أجيبوا داعي الله } فيه مسألتان :
المسألة الأولى : هذه الآية تدل على أنه صلى الله عليه وسلم كان مبعوثا إلى الجن كما كان مبعوثا إلى الإنس ، قال مقاتل : ولم يبعث الله نبيا إلى الإنس والجن قبله .
المسألة الثانية : قوله { أجيبوا داعي الله } أمر بإجابته في كل ما أمر به ، فيدخل فيه الأمر بالإيمان إلا أنه أعاد ذكر الإيمان على التعيين ، لأجل أنه أهم الأقسام وأشرفها ، وقد جرت عادة القرآن بأنه يذكر اللفظ العام ، ثم يعطف عليه أشرف أنواعه كقوله { وملائكته ورسله وجبريل } وقوله { وإذ أخذنا من النبيين ميثاقهم ومنك ومن نوح } ولما أمر بالإيمان به ذكر فائدة ذلك الإيمان وهي قوله { يغفر لكم من ذنوبكم } وفيه مسألتان :
المسألة الأولى : قال بعضهم كلمة { من } هاهنا زائدة والتقدير : يغفر لكم ذنوبكم ، وقيل بل الفائدة فيه أن كلمة { من } هاهنا لابتداء الغاية ، فكان المعنى أنه يقع ابتداء الغفران بالذنوب ، ثم ينتهي إلى غفران ما صدر عنكم من ترك الأولى والأكمل .
المسألة الثانية : اختلفوا في أن الجن هل لهم ثواب أم لا ؟ فقيل لا ثواب لهم إلا النجاة من النار ، ثم يقال لهم كونوا ترابا مثل البهائم ، واحتجوا على صحة هذا المذهب بقوله تعالى : { ويجركم من عذاب أليم } وهو قول أبي حنيفة ، والصحيح أنهم في حكم بني آدم فيستحقون الثواب على الطاعة والعقاب على المعصية ، وهذا القول قول ابن أبي ليلى ومالك ، وجرت بينه وبين أبي حنيفة في هذا الباب مناظرة ، قال الضحاك يدخلون الجنة ويأكلون ويشربون ، والدليل على صحة هذا القول أن كل دليل دل على أن البشر يستحقون الثواب على الطاعة فهو بعينه قائم في حق الجن ، والفرق بين البابين بعيد جدا .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.