مفاتيح الغيب للرازي - الفخر الرازي  
{وَأَنَّ سَعۡيَهُۥ سَوۡفَ يُرَىٰ} (40)

ثم قال تعالى : { وأن سعيه سوف يرى ، ثم يجزيه الجزاء الأوفى } أي يعرض عليه ويكشف له من أريته الشيء ، وفيه بشارة للمؤمنين على ما ذكرنا ، وذلك أن الله يريه أعماله الصالحة ليفرح بها ، أو يكون يرى ملائكته وسائر خلقه ليفتخر العامل به على ما هو المشهور وهو مذكور لفرح المسلم ولحزن الكافر ، فإن سعيه يرى للخلق ، ويرى لنفسه ويحتمل أن يقال : هو من رأى يرى فيكون كقوله تعالى : { وقل اعملوا فسيرى الله عملكم ورسوله } وفيها وفي الآية التي بعدها مسائل :

الأولى : العمل كيف يرى بعد وجوده ومضيه ؟ نقول فيه وجهان : ( أحدهما ) يراه على صورة جميلة إن كان العمل صالحا ( ثانيهما ) هو على مذهبنا غير بعيد فإن كل موجود يرى ، والله قادر على إعادة كل معدوم فبعد الفعل يرى وفيه ( وجه ثالث ) : وهو أن ذلك مجاز عن الثواب يقال : سترى إحسانك عند الملك أي جزاءه عليه وهو بعيد لما قال بعده : { ثم يجزاه الجزاء الأوفى } .