مفاتيح الغيب للرازي - الفخر الرازي  
{مَّتَٰعٗا لَّكُمۡ وَلِأَنۡعَٰمِكُمۡ} (32)

ولما ذكر الله تعالى ما يغتذى به الناس والحيوان قال : { متاعا لكم ولأنعامكم } .

قال الفراء : خلقناه منفعة ومتعة لكم ولأنعامكم ، وقال الزجاج : هو منصوب لأنه مصدر مؤكد لقوله : { فأنبتنا } لأن إنباته هذه الأشياء إمتاع لجميع الحيوان .

واعلم أنه تعالى لما ذكر هذه الأشياء وكان المقصود منها أمورا ثلاثة : ( أولها ) : الدلائل الدالة على التوحيد ( وثانيها ) : الدلائل الدالة على القدرة على المعاد ( وثالثها ) : أن هذا الإله الذي أحسن إلى عبيده بهذه الأنواع العظيمة من الإحسان ، لا يليق بالعاقل أن يتمرد عن طاعته وأن يتكبر على عبيده أتبع هذه الجملة بما يكون مؤكدا لهذه الأغراض وهو شرح أهوال القيامة ، فإن الإنسان إذا سمعها خاف فيدعوه ذلك الخوف إلى التأمل في الدلائل والإيمان بها والإعراض عن الكفر ، ويدعوه ذلك أيضا إلى ترك التكبر على الناس ، وإلى إظهار التواضع إلى كل أحد فلا جرم ذكر القيامة : فقال : { فإذا جاءت الصاخة } .