مفاتيح الغيب للرازي - الفخر الرازي  
{عَلَى ٱلۡأَرَآئِكِ يَنظُرُونَ} (23)

ثم وصف كيفية ذلك النعيم بأمور ثلاثة ( أولها ) : قوله : { على الأرائك ينظرون } قال القفال : الأرائك الأسرة في الحجال ، ولا تسمى أريكة فيما زعموا إلا إذا كانت كذلك ، وعن الحسن : كنا لا ندري ما الأريكة حتى لقينا رجلا من أهل اليمن أخبرنا أن الأريكة عندهم ذلك .

أما قوله : { ينظرون } ففيه ثلاثة أوجه ( أحدها ) : ينظرون إلى أنواع نعمهم في الجنة من الحور العين والولدان ، وأنواع الأطعمة والأشربة والملابس والمراكب وغيرها ، قال عليه السلام : «يلحظ المؤمن فيحيط بكل ما آتاه الله وإن أدناهم يتراءى له مثل سعة الدنيا » ( والثاني ) : قال مقاتل : ينظرون إلى عدوهم حين يعذبون في النار ( والثالث ) : إذا اشتهوا شيئا نظروا إليه فيحضرهم ذلك الشيء في الحال ، واعلم أن هذه الأوجه الثلاثة من باب أنواع جنس واحد وهو المنظور إليه ، فوجب حمل اللفظ على الكل ، ويخطر ببالي تفسير رابع : وهو أشرف من الكل وهو أنهم ينظرون إلى ربهم ويتأكد هذا التأويل بما إنه قال بعد هذه الآية : { تعرف في وجوههم نضرة النعيم } والنظر المقرون بالنضرة هو رؤية الله تعالى على ما قال : { وجوه يومئذ ناضرة إلى ربها ناظرة } ومما يؤكد هذا التأويل أنه يجب الابتداء بذكر أعظم اللذات ، وما هو إلا رؤية الله تعالى