( الصفة الثانية ) لهذا الرحيق قوله : { ختامه مسك } وفيه وجوه ( الأول ) : قال القفال : معناه أن الذي يختم به رأس قارورة ذلك الرحيق هو المسك ، كالطين الذي يختم به رؤوس القوارير ، فكان ذلك المسك رطب ينطبع فيه الخاتم ، وهذا الوجه مطابق للوجه الأول الذي حكيناه عن القفال في تفسير قوله : { مختوم } ، ( الثاني ) : المراد من قوله : { ختامه مسك } أي عاقبته المسك أي يختم له آخره بريح المسك ، وهذا الوجه مطابق للوجه الذي حكيناه عن أبي عبيدة في تفسير قوله : { مختوم } كأنه تعالى قال من رحيق له عاقبة ، ثم فسر تلك العاقبة فقال : تلك العاقبة مسك أي من شربه كان ختم شربه على ريح المسك ، وهذا قول علقمة والضحاك وسعيد بن جبير ، ومقاتل وقتادة قالوا : إذا رفع الشارب فاه من آخر شرابه وجد ريحه كريح المسك ، والمعنى لذاذة المقطع وذكاء الرائحة وأرجها ، مع طيب الطعم ، والختام آخر كل شيء ، ومنه يقال : ختمت القرآن ، والأعمال بخواتيمها ويؤكده قراءة علي عليه السلام ، واختيار الكسائي فإنه يقرأ : ( خاتمه مسك ) أي آخره كما يقال : خاتم النبيين ، قال الفراء : وهما متقاربان في المعنى إلا أن الخاتم اسم والختام مصدر كقولهم : هو كريم الطباع والطابع ( الثالث ) : معناه خلطه مسك ، وذكروا أن فيه تطيبا لطعمه . وقيل : بل لريحه وأقول : لعل المراد أن الخمر الممزوج بهذه الأفاويه الحارة مما يعين على الهضم وتقوية الشهوة ، فلعل المراد منه الإشارة إلى قوة شهوتهم وصحة أبدانهم ، وهذا القول رواه سعيد بن جبير عن الأسود عن عائشة تقول المرأة لقد أخذت ختم طيني ، أي لقد أخذت أخلاط طيني ، قال أبو الدرداء هو شراب أبيض مثل الفضة ، يحتمون به آخر شربهم ، لو أن رجلا من أهل الدنيا أدخل فيه يده ثم أخرجها لم يبق ذو روح إلا وجد طيب ريحه .
الصفة الثانية : قوله تعالى : { وفي ذلك فليتنافس المتنافسون } قال الواحدي : يقال : نفست عليه الشيء أنفسه نفاسة إذا ضننت به ولم تحب أن يصير إليه ، والتنافس تفاعل منه كأن كل واحد من الشخصين يريد أن يستأثر به ، والمعنى : وفي ذلك فليرغب الراغبون بالمبادرة إلى طاعة الله .
واعم أن مبالغة الله تعالى في الترغيب فيه تدل على علو شأنه ، وفيه إشارة إلى أن التنافس يجب أن يكون في مثل ذلك النعيم العظيم الدائم ، لا في النعيم الذي هو مكدر سريع الفناء .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.