روح المعاني في تفسير القرآن والسبع المثاني للآلوسي - الآلوسي [إخفاء]  
{فَإِذَا جَآءَتِ ٱلصَّآخَّةُ} (33)

{ فَإِذَا جَاءتِ الصاخة } شروع في بيان أحوال معادهم بعد بيان ما يتعلق بخلقهم ومعاشهم والفاء للدلالة على ترتب ما بعدها على ما يشعر به لفظ المتاع من سرعة زوال هاتيك النعم وقرب اضمحلالها والصاخة هي الداهية العظيمة من صخ بمعنى أصاخ أي استمع والمراد بها النفخة الثانية ووصفت بها لأن الناس يصخون لها فجعلت مستمعة مجازاً في الظرف أو الإسناد وقال الراغب الصاخة شدة صوت ذي النطق يقال صخ يصخ فهو صاخ فعليه هي بمعنى الصائحة مجازاً أيضاً وقيل مأخوذة من صخه بالحجر أي صكه وقال الخليل هي صيحة تصخ الآذان صخاً أي تصمها لشدة وقعتها ومنه أخذ الحافظ أبو بكر بن العربي قوله الصاخة هي التي تورث الصمم وأنها لمسمعة وهو من بديع الفصاحة كقوله

: أصم بك الداعي وإن كان اسمعا *** ثم قال ولعمر الله تعالى : إن صيحة القيامة مسمعة تصم عن الدنيا وتسمع أمور الآخرة والكلام في جواب إذا وفي يوم من قوله تعالى : { يَوْمَ يَفِرُّ المرء مِنْ أَخِيهِ وَأُمّهِ وَأَبِيهِ وصاحبته } أي زوجته .

 
التفسير الشامل لأمير عبد العزيز - أمير عبد العزيز [إخفاء]  
{فَإِذَا جَآءَتِ ٱلصَّآخَّةُ} (33)

قوله تعالى : { فإذا جاءت الصاخّة 33 يوم يفر المرء من أخيه 34 وأمه وأبيه 35 وصاحبته وبنيه 36 لكل امرئ منهم يومئذ شأن يغنيه 37 وجوه يومئذ مسفرة 38 ضاحكة مستبشرة 39 ووجوه يومئذ عليها غبرة 40 ترهقها قترة 41 أولئك هم الكفرة الفجرة } .

يبين الله في هذه الآيات المفزعة بعضا من أخبار القيامة وما يقع في هذا اليوم العصيب من أحداث عجاب وأهوال فظيعة مريعة يعجز عن شرحها القلم والبيان لدى الإنسان . لا جرم أن الساعة رهيبة مذهلة وفيها من جليل الخطوب وعظيم الدواهي ما تتزلزل منه القلوب ، وتشخص من أجله الأبصار وتذل لهوله النواصي .

إن هذه الآيات العجيبة المذهلة من كتاب الله الحكيم لتبين للأذهان والأخيلة حقيقة الساعة تبيينا ظاهرا مشهودا ، يعجز عن مثله النظم أو الكلم . إنها آيات مثيرة مريعة تضخّ الآذان وتشده الخيال والحس وتثير في النفس الخشية والارتياع والفزع . وهذه واحدة من ظواهر الإعجاز في القرآن الكريم .

قوله : { فإذا جاءت الصاخّة } الصاخة من أسماء يوم القيامة . وهي صيحة القيامة عقب النفخة الأخيرة . وقد سميت بذلك لشدة صخها أو صخيخها . فهي تصخ الأسماع صخا فتبالغ في إسماعها حتى تكاد تصمها .