نظم الدرر في تناسب الآيات و السور للبقاعي - البقاعي  
{فَإِذَا جَآءَتِ ٱلصَّآخَّةُ} (33)

ولما ذكر عجائب الصنع في الطعام ، وكان ذلك يقطف فيعود{[71759]} لا سيما المرعى {[71760]}فإنه يأتي{[71761]} عليه الخريف فينشف ثم يتحطم من الرياح ويتفرق في الأرض ثم يصير تراباً ثم يبعث الله المطر فيجمعه من الأرض بعد أن صار تراباً ثم ينبته كما كان ، وكان ذلك مثل إحياء الموتى سواء ، فتحقق لذلك ما تقدم من أمر الإنشار بعد الإقبار ، وكان ذلك أيضاً مذكراً بأمر أبينا{[71762]} آدم عليه الصلاة والسلام لما أمره الله بالأكل من الجنة إلا من الشجرة التي نهاه عنها ، فلما أكل منها أخرجه من الجنة فسجنه في دار ليست بجنة{[71763]} ولا نار ولا غيرهما بل هي من ممتزج الدارين وكالبرزخ بينهما ، فيها ما يذكر بهذه وما يذكر بتلك ، وفيها أمثلة الموجدات كلها ، قال مسبباً عما ثبت به الإحياء للبعث إلى المحشر معبراً بأداة التحقق لأن الساعة مما لا بد منه ولا محيد عنه لأنها سر{[71764]} الكون فإن فيها حساب الذين استخلفوا في هذا الوجود وأفيضت{[71765]} عليهم النعم التي أودعها فيه ، وأشار إلى أنهم عاجزون عن القيام بشكرها ، وكثير منهم - بل أكثرهم - زاد على ذلك بكفرها ، فأوجب ذلك - ولا بد - حسابهم على ما فعلوا فيما استخلفوا فيه واسترعوه كما {[71766]}هي عادة{[71767]} كل مسترع ومستخلف : { فإذا جاءت } أي كانت ووجدت لأن كل ما هو كائن كأنه لاقيك وجاء إليك-{[71768]} { الصآخة * } أي الصرخة العظيمة التي يبالغ في إسماع الأسماع بها حتى تكاد تصمها{[71769]} لشدتها ، وكأنها تطعن فيها لقوة وقعتها وعظيم وجبتها ، وتضطر الآذان إلى أن تصيخ إليها أي-{[71770]} تسمع{[71771]} ، وهي من أسماء القيامة ، وأصل الصخ : الضرب بشيء صلب على مصمت .


[71759]:من ظ و م، وفي الأصل: ويعود.
[71760]:من ظ و م، وفي الأصل: فيأتي.
[71761]:من ظ و م، وفي الأصل: فيأتي.
[71762]:في ظ: إنشاء.
[71763]:في ظ و م: جنة.
[71764]:من ظ و م، وفي الأصل: سلو.
[71765]:من م، وفي الأصل و ظ: اقتضت.
[71766]:من ظ و م، وفي الأصل: هو عبادة.
[71767]:من ظ و م، وفي الأصل: هو عبادة.
[71768]:زيد من ظ و م.
[71769]:من ظ و م، وفي الأصل: تعمها.
[71770]:زيد من ظ و م.
[71771]:من ظ، وفي الأصل و م: فتسمع.