قوله تعالى : { فَإِذَا جَآءَتِ الصآخة } : وهي الصَّيحةُ التي تصخُّ الآذان ، أي : تصمها لشدة وقعتها .
وقيل : هي مأخوذة من صَخّهُ بالحجر أي : صَكَّهُ به .
وقال الزمخشري{[59401]} : «صخَّ لحديثه مثل أصاخ له ، فوصفت النفخة بالصاخَّة مجازاً ؛ لأن النَّاس يصخُّون لها » .
وقال ابن العربي : الصاخَّة : التي تورث الصَّممَ ، وإنَّها لمسمعة ، وهذا من بديع الفصاحة ؛ كقول الشاعر : [ البسيط ]
5114- أصمَّنِي سِرُّهُمْ أيَّام فُرقتِهِمْ *** فَهل سَمِعتُمْ بِسرِّ يُورِثُ الصَّمَمَا{[59402]}
5115- أصَمَّ بِكَ النَّاعِي وإنْ كَانَ أسْمَعَا*** . . . {[59403]}
وجواب «إذا » محذوف ، يدل عليه قوله : «لكُلِّ امرئٍ مِنهُمْ يومئذٍ شأنٌ يُغنِيهِ » . والتقدير : فإذا جاءت الصاخة اشتغل كل أحد بنفسه .
لما ذكر أمر المعاش ذكر أمر المعاد ليتزودوا له بالأعمال الصالحة ، والإنفاق مما امتن به عليهم .
وقال ابنُ الخطيب{[59404]} : لمَّا ذكر تعالى هذه الأشياء ، وكان المقصود منها أمور ثلاثة :
أولها : الدلائل الدالة على التوحيد .
وثانيها : الدلائل الدالة على القدرة والمعاد .
وثالثها : أن هذا الإله الذي أحسن إلى عبيده بهذه الأنواع العظيمة من الإحسان ، لا يليق بالعاقل أن يتمرَّد عن طاعته ، وأن يتكبَّر على عبيده أتبع ذلك بما يكون كالمؤكِّد لهذه الأغراض ، وهو شرح [ أهوالِ الآخرةِ ]{[59405]} ، فإن الإنسان إذا سمعها خاف ، فيدعوه ذلك الخوف إلى التأمل في الدلائل ، والإيمان بها ، والإعراض عن الكفر ، ويدعوه أيضاً إلى ترك التكبُّر على الناس ، وإلى إظهار التواضع فقال تعالى : { فَإِذَا جَآءَتِ الصآخة } يعني : صيحة القيامةِ ، وهي النفخة الأخيرةُ ، تصخُّ الأسماع أي : تصمُّها ، فلا تسمع إلا ما يدعى به الأحياء .
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : «مَا مِنْ دَابَّةٍ إلا وهِيَ مُصِيخَةٌ يوْمَ الجُمعَةِ شفقاً مِنَ السَّاعَةِ إلاَّ الجنِّ والإنسَ »{[59406]} .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.