روح المعاني في تفسير القرآن والسبع المثاني للآلوسي - الآلوسي [إخفاء]  
{وَلَئِن سَأَلۡتَهُم مَّنۡ خَلَقَ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلۡأَرۡضَ لَيَقُولُنَّ خَلَقَهُنَّ ٱلۡعَزِيزُ ٱلۡعَلِيمُ} (9)

وقوله تعالى : { وَلَئِن سَأَلْتَهُمْ مَّنْ خَلَقَ السموات والارض لَيَقُولُنَّ خَلَقَهُنَّ العزيز العليم } عطف على الخطاب السابق والآيتان أعني قوله تعالى : { وَكَمْ أَرْسَلْنَا } [ الزخرف : 6 ، 7 ] اعتراض لإفادة التقرير والتسلية كما سمعت ، والمراد ولئن سألتهم من خلق العالم ليسندن خلقه إلى من هو متصف بهذه الصفات في نفس الأمر لا أنهم يقولون هذه الألفاظ ويصفونه تعالى بما ذكر من الصفات ذكره الزمخشري فيما نسب إليه ، وهذا حسن وله نظير عرفاً وهو أن واحداً لو أخبرك أن الشيخ قال كذا وعنى بالشيخ شمس الأئمة ثم لقيت شمس الأئمة فقلت : إن فلاناً أخبرني أن شمس الأئمة قال : كذا مع أن فلاناً لم يجر على لسانه إلا الشيخ ولكنك تذكر ألقابه وأوصافه فكذا ههنا الكفار يقولون : خلقهن الله لا ينكرون ثم أن الله عز وجل ذكر صفاته أي أن الله تعالى الذي يحيلون عليه خلق السموات والأرض من صفته سبحانه كيت وكيت ، وقال ابن المنير : إن { العزيز العليم } من كلام المسؤولين وما بعد من كلامه سبحانه . وفي «الكشف » لا فرق بين ذلك الوجه وهذا في الحاصل فإنه حكاية كلام عنهم متصل به كلامه تعالى على أنه من تتمته وإن لم يكن قد تفوهوا به ، وهذا كما يقول مخاطبك : أكرمني زيد فتقول : الذي أكرمك وحياك أو لجماعة آخرين حاضرين الذي أكرمكم وحياكم فإنك تصل كلامك بكلامه على أنه من تتمته ولكن لا تجعله من مقوله ، والأظهر من حيث اللفظ ما ذكره ابن المنير وحينئذٍ يقع الالتفات في { فَأَنشَرْنَا } [ الزخرف : 11 ] بعد موقعه ، ونظير ذلك قوله تعالى حكاية عن موسى عليه السلام : { لاَّ يَضِلُّ رَبّى وَلاَ يَنسَى } إلى قوله تعالى : { فَأَخْرَجْنَا بِهِ أَزْوَاجاً مّن نبات شتى } [ طه : 53 ] وفي إعادة الفعل في الجواب اعتناءً بشأنه ومطابقته للسؤال من حيث المعنى على ما زعم أبو حيان لا من حيث اللفظ قال : لأن من مبتدأ فلو طابق في اللفظ لكان بالاسم مبتدأ دون الفعل بأن يقال : العزيز العليم خلقهن .

 
معالم التنزيل في تفسير القرآن الكريم للبغوي - البغوي [إخفاء]  
{وَلَئِن سَأَلۡتَهُم مَّنۡ خَلَقَ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلۡأَرۡضَ لَيَقُولُنَّ خَلَقَهُنَّ ٱلۡعَزِيزُ ٱلۡعَلِيمُ} (9)

قوله تعالى : { ولئن سألتهم } أي سألت قومك ، { من خلق السماوات والأرض ليقولن خلقهن العزيز العليم } أقرروا بأن الله خالقها ، وأقروا بعزه وعلمه ثم عبدوا غيره وأنكروا قدرته على البعث لفرط جهلهم . إلى هاهنا تم الإخبار عنهم .

 
التفسير الشامل لأمير عبد العزيز - أمير عبد العزيز [إخفاء]  
{وَلَئِن سَأَلۡتَهُم مَّنۡ خَلَقَ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلۡأَرۡضَ لَيَقُولُنَّ خَلَقَهُنَّ ٱلۡعَزِيزُ ٱلۡعَلِيمُ} (9)

قوله تعالى : { ولئن سألتهم من خلق السماوات والأرض ليقولنّ خلقهنّ العزيز العليم 9 الذي جعل لكم الأرض مهدا وجعل لكم فيها سبلا لعلّكم تهتدون 10 والذي نزل من السماء ماء بقدر فأنشرنا به بلدة مّيتا كذلك تخرجون 11 والذي خلق الأزواج كلها وجعل لكم من الفلك والأنعام ما تركبون 12 لتستوا على ظهوره ثم تذكروا نعمة ربكم إذا استويتم عليه وتقولوا سبحان الذي سخر لنا هذا وما كنا له مقرنين 13 وإنا إلى ربنا لمنقلبون } .

يتبين من آيات الله هذه أن المشركين الأولين ما كانوا ينكرون وجود الله ، بل كانوا موقنين بهذه الحقيقة الكبرى ، وهي أن الله حق وأنه الخالق الموجد ، فهم بذلك لم يأت على فطرتهم من المسخ والإفساد مثل الذي أتى على كثير من الكافرين الملحدين الذين ينكرون وجود الله ويجحدون الإلهية كليّا ، كالشيوعيين والوجوديين وآخرين غيرهم من مناكيد البشر وأشقيائهم ، أولئك الذين انمسخت فيهم الفطرة الإنسانية انمساخا وانقلبت فيهم الطبائع الأساسية رأسا على عقب ، وانتكست نفوسهم وأذهانهم أشنع انتكاس فصاروا يجترون مقالة الإلحاد اجترار الأشقياء المماسيخ ، خلافا للمشركين السابقين الذين كانوا يقرون بوجود الله الخالق البارئ بالرغم من اتخاذهم الشركاء والأرباب مع الله . وذلك يستبين من قوله سبحانه : { ولئن سألتهم مّن خلق السّماوات والأرض ليقولنّ خلقهنّ العزيز العليم } أي لئن سألت هؤلاء المشركين يا محمد عمن خلق السماوات والأرض لسوف يجيبونك مقرين بأن خالقهن الله العزيز العليم ، فهم بذلك مقرون لله بالخلق والإيجاد بالرغم من اتخاذهم مع الله شركاء وأندادا جهلا منهم وضلالا .