الآية 9 وقوله تعالى : { ولئن سألتهم من خلق السماوات والأرض ليقولن خلقهن العزيز العليم } في قولهم وجوابهم أن الله خلق السماوات والأرض دلالة أنهم قد عرفوا أنه رسول ، لكن كذّبوه عنادا ومكابرة لأن أهل مكة كانوا لا يؤمنون بالرسل ، ويزعمون{[18871]} أنا عرفنا أن الله خلق السماوات الأرض بقولهم ، لا يُنكرون {[18872]} رسالته خاصة ، بل ينكرون الرسل أجمع .
ثم هم ما عرفوا أن الله ، هو خلق السماوات والأرض إلا بالرسل ، إذ هم ليسوا من الذين عادتُهم الاستدلال والنظر في الدلائل ليعرفوا الله تعالى بالدلائل العقلية . والظاهر في العوامّ جملة المعرفة بالدلائل السمعية ، فكان الظاهر هذا أن معرفتهم أن الله ، خلق السماوات والأرض لقول الرسل عليهم السلام لكنهم كذّبوهم{[18873]} ، ولم يصدّقوهم{[18874]} عنادا منهم ومكابرة ، وما به عرفوا سائر الرسل من المعجزات موجود ومعايَن لهم في حق رسولنا صلى الله عليه وسلم لا بد أن يعرفوه رسولا ، لكنهم كذّبوه عنادا .
فدلّ أن قولهم هذا دليل على معرفتهم برسالته ، والله أعلم .
ثم تمام الاحتجاج بهذا أن يقال لهم : قد عرفتم أن الله ، هو خالق السماوات والأرض ، فهلاّ عرفتم أنه لم يخلقهما{[18875]} عبثا باطلا ؟ إذ لو كان على ما يزعمون أن لا رُسل ، ولا بعث ، ولا حساب ، ولا ثواب ، ولا عقاب ، يكون خلقه إياها{[18876]} عبثا باطلا . فكان إقرارهم بخلقه إياها{[18877]} إقرارا بخلقه على وجه الحكمة ، ولن يخرج خلقُه على الحكمة إلا بالإقرار بالرسل والبعث والثواب والعقاب على ما عرّف غير مرّة .
أو أن يقال : فإذا عرفتم أن الله تعالى ، هو خلق السماوات والأرض وما ذكر إلى آخره ، فكيف أنكرتم قدرته على البعث والإعادة بعد الموت ؟ والأعجوبة في خلق السماوات والأرض أعظم وأكثر من الأعجوبة في بعثكم وإعادتكم . فكيف أنكرتم ما هو أقل في القدرة والأعجوبة ؟ والله الموفّق .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.