روح المعاني في تفسير القرآن والسبع المثاني للآلوسي - الآلوسي [إخفاء]  
{وَلَيَالٍ عَشۡرٖ} (2)

{ وَلَيالٍ عَشْرٍ } هن العشر الأول من الأضحى كما أخرجه الحاكم وصححه وجماعة على ابن عباس وروي عن ابن الزبير ومسروق ومجاهد وقتادة وعكرمة وغيرهم وأخرج ذلك أحمد والنسائي والحاكم وصححه والبزار وابن جرير وابن مردويه والبيهقي في «الشعب » عن جابر يرفعه ولها من الفضل ما لها وقد أخرج أحمد والبخاري عن ابن عباس مرفوعاً ما من أيام فيهن العمل أحب إلى الله عز وجل وأفضل من أيام العشر قيل يا رسول الله ولا الجهاد في سبيل الله قال ولا الجهاد في سبيل الله إلا رجل جاهد في سبيل الله بنفسه وماله فلم يرجع من ذلك بشيء وأخرج ابن المنذر وابن أبي/ حاتم عن ابن عباس أنهن العشر الأواخر من رمضان وروي أيضاً عن الضحاك بل زعم التبريزي الاتفاق على أنهن هذه العشر وأنه لم يخالف فيه أحد واستدل له بعضهم بالحديث المتفق على صحته قالت عائشة رضي الله تعالى عنها كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا دخل العشر تعني العشر الأواخر من رمضان شد مئزره وأحيا ليله وأيقظ أهله وتعقبه بعضهم بأن ذلك محتمل لأن يحظى عليه الصلاة والسلام بليلة القدر لأنها فيها لا لكونها العشر المرادة هنا وعن ابن جريج أنهن العشر الأول من رمضان وعن يمان وجماعة أنهن العشر الأول من المحرم وفيها يوم عاشوراء وقد ورد في فضله ما ورد أخرج الشيخان وغيرهما عن ابن عباس قال قدم النبي صلى الله عليه وسلم المدينة واليهود تصوم يوم عاشوراء فقال عليه الصلاة والسلام ما هذا اليوم الذي تصومونه قالوا هذا يوم عظيم أنجى الله تعالى فيه موسى وأغرق آل فرعون فيه فصامه موسى عليه السلام شكراً فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم فنحن أحق بموسى منكم فصامه صلى الله عليه وسلم وأمر بصيامه وصح في الصحيحين أنه عليه الصلاة والسلام أرسل غداة عاشوراء إلى قرى الأنصار التي حول المدينة من كان أصبح صائماً فليتم يومه ومن كان أصبح مفطراً فليصم بقية يومه فكان الصحابة بعد ذلك يصومونه ويصومونه صبيانهم الصغار ويذهبون بهم إلى المسجد ويجعلون لهم اللعبة من العهن فإذا بكى أحدهم على الطعام أعطوه إياها حتى يكون الإفطار وأخرج أحمد وغيره عن الحبر قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم " صوموا يوم عاشوراء وخالفوا فيه اليهود وصوموا قبله يوماً وبعده يوماً " وجاء في الأمر بالتوسعة فيه على العيال عدة أحاديث ضعيفة لكن قال البيهقي : هي وإن كانت ضعيفة إذا ضم بعضها إلى بعض أحدث قوة وأياماً كان فتنكيرها للتفخيم وقيل للتبعيض لأنها بعض ليالي السنة أو الشهر والتفخيم أولى قيل ولولا قصد ما ذكر كان الظاهر تعريفها كأخواتها لأنها ليال معهودة معينة وقدر بعضهم على إرادة صلاة الفجر فيما مر مضافاً هنا أي وعبادة ليال ويقال نحوه فيما بعد على بعض الأقوال فيه وليس بلازم ولا أثر فيه وقرأ ابن عباس بالإضافة فضبطه بعضهم وليال عشر بلام دون ياء وبعضهم وليالي عشر بالياء وهو القياس والمراد وليالي أيام عشر فحذف الموصوف وهو المعدود وفي مثل ذلك يجوز التاء وتركها في العدد ومنه واتبعه بست من شوال وما حكاه الكسائي صمنا من الشهر خمساً والمرجح للترك ههنا وقوعه فاصلة وجوز أن تكون الإضافة بيانية وهو خلاف الظاهر .

 
تيسير الكريم المنان في تفسير القرآن لابن سعدي - ابن سعدي [إخفاء]  
{وَلَيَالٍ عَشۡرٖ} (2)

ولهذا أقسم بعده بالليالي العشر ، وهي على الصحيح : ليالي عشر رمضان ، أو [ عشر ] ذي الحجة ، فإنها ليال مشتملة على أيام فاضلة ، ويقع فيها من العبادات والقربات ما لا يقع في غيرها .

وفي ليالي عشر رمضان ليلة القدر ، التي هي خير من ألف شهر ، وفي نهارها ، صيام آخر رمضان الذي هو ركن من أركان الإسلام .

وفي أيام عشر ذي الحجة ، الوقوف بعرفة ، الذي يغفر الله فيه لعباده مغفرة يحزن لها الشيطان ، فما رئي الشيطان أحقر ولا أدحر منه في يوم عرفة ، لما يرى من تنزل الأملاك والرحمة من الله لعباده ، ويقع فيها كثير من أفعال الحج والعمرة ، وهذه أشياء معظمة ، مستحقة لأن يقسم الله بها .

 
الجامع التاريخي لبيان القرآن الكريم - مركز مبدع [إخفاء]  
{وَلَيَالٍ عَشۡرٖ} (2)

تفسير مقاتل بن سليمان 150 هـ :

هي عشر ليال قبل الأضحى ، سماها الله ، عز وجل ، ليال عشر لأنها تسعة أيام وعشر ليال ...

تفسير الإمام مالك 179 هـ :

ابن العربي : قال ابن وهب ، عن مالك : { وليال عشر } قال : الأيام مع الليالي ، والليل قبل النهار ، وهو حساب القمر الذي وقَّت الله عليه العبادات كما رتب على حساب الشمس الذي يتقدم فيه النهار على الليل بالعادات في المعاش والأوقاف . ...

جامع البيان عن تأويل آي القرآن للطبري 310 هـ :

اختلف أهل التأويل في هذه الليالي العشر أيّ ليال هي ؟

فقال بعضهم : هي ليالي عشر ذي الحجة . .. ويقال : العشر : أولَ السنة من المحرم...

والصواب من القول في ذلك عندنا : أنها عشر الأضحى ، لإجماع الحجة من أهل التأويل عليه ، وأن عبد الله بن أبي زياد القَطْوانيّ : حدثني قال : ثني زيد بن حباب ، قال : أخبرني عياش بن عقبة ، قال : ثني جُبير بن نعيم ، عن أبي الزبير ، عن جابر ، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : «"والفَجْرِ وَلَيالٍ عَشْرٍ "، قال : عَشْرُ الأَضْحَى » . ...

الكشاف عن حقائق التنزيل للزمخشري 538 هـ :

فإن قلت : فما بالها منكرة من بين ما أقسم به ؟ قلت : لأنها ليال مخصوصة من بين جنس الليالي العشر بعض منها . أو مخصوصة بفضيلة ليست لغيرها . فإن قلت : فهلا عرفت بلام العهد ، لأنها ليال معلومة معهودة ؟ قلت : لو فعل ذلك لم تستقل بمعنى الفضيلة الذي في التنكير ؛ ولأن الأحسن أن تكون اللامات متجانسة ، ليكون الكلام أبعد من الألغاز والتعمية . ...

أحكام القرآن لابن العربي 543 هـ :

قَوْله تَعَالَى : { وَلَيَالٍ عَشْرٍ } :

فِيهَا أَرْبَعُ مَسَائِلَ :

المسألة الْأُولَى : فِي تَعْيِينِهَا أَرْبَعَةُ أَقْوَالٍ :

الْأَوَّلُ: أَنَّهَا عَشْرُ ذِي الْحِجَّةِ ؛ رُوِيَ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ ، وَقَالَهُ جَابِرٌ ، وَرَوَاهُ عَن النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَلَمْ يَصِحَّ .

الثَّانِي : عَشْرُ الْمُحَرَّمِ ؛ قَالَهُ الطَّبَرِيُّ .

الثَّالِثُ : أَنَّهَا الْعَشْرُ الْأَوَاخِرُ من رَمَضَانَ .

الرَّابِعُ أَنَّهَا الْعَشْرُ الَّتِي أَتَمَّهَا اللَّهُ لِمُوسَى عَلَيْهِ السَّلَامُ فِي مِيقَاتِهِ مَعَهُ .

المسألة الثَّانِيَةُ : ...فَرَبُّك أَعْلَمُ بِمَا هِيَ ؛ لَكِنْ تَبْقَى هَاهُنَا نُكْتَةٌ ؛ وَهِيَ أَنْ تَقُولَ : فَهَلْ من سَبِيلٍ إلَى تَعْيِينِهَا؟ وَهِيَ :

المسألة الثَّالِثَةُ : قُلْنَا : نَحْنُ نُعَيِّنُهَا بِضَرْبٍ من النَّظَرِ ، وَهِيَ الْعَشْرُ الْأَوَاخِرُ من رَمَضَانَ ؛ لِأَنَّا لَمْ نَرَ فِي هَذِهِ اللَّيَالِي الْمُعْتَبَرَاتِ أَفْضَلَ مِنْهَا ، لَا سِيَّمَا وَفِيهَا لَيْلَةُ الْقَدْرِ الَّتِي هِيَ خَيْرٌ من أَلْفِ شَهْرٍ ؛ فَلَا يُعَادِلُهَا وَقْتٌ من الزَّمَانِ .

تفسير القرآن العظيم لابن كثير 774 هـ :

والليالي العشر : المراد بها عشر ذي الحجة . كما قاله ابن عباس ، وابن الزبير ، ومجاهد ، وغير واحد من السلف والخلف . وقد ثبت في صحيح البخاري ، عن ابن عباس مرفوعا : " ما من أيام العمل الصالح أحب إلى الله فيهن من هذه الأيام " - يعني عشر ذي الحجة - قالوا : ولا الجهاد في سبيل الله ؟ قال : " ولا الجهاد في سبيل الله ، إلا رجلا خرج بنفسه وماله ، ثم لم يرجع من ذلك بشيء ".

وقيل : المراد بذلك العشر الأول من المحرم ، حكاه أبو جعفر ابن جرير ولم يعزه إلى أحد وقد روى أبو كُدَيْنة ، عن قابوس بن أبي ظِبْيان ، عن أبيه ، عن ابن عباس : { وَلَيَالٍ عَشْرٍ } قال : هو العشر الأول من رمضان .

والصحيح القول الأول ؛ قال الإمام أحمد :

حدثنا زيد بن الحباب ، حدثنا عَيَّاش بن عقبة ، حدثني خَير بن نُعَيم ، عن أبي الزبير ، عن جابر ، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : " إن العشر عشر الأضحى ، والوتر يوم عرفة ، والشفع يوم النحر " .

ورواه النسائي عن محمد بن رافع وعبدة بن عبد الله ، كل منهما عن زيد بن الحباب ، به ورواه ابن جرير وابن أبي حاتم ، من حديث زيد بن الحباب ، به وهذا إسناد رجاله لا بأس بهم ، وعندي أن المتن في رفعه نكارة ، والله أعلم .

تيسير الكريم المنان في تفسير القرآن لابن سعدي 1376 هـ :

وهي على الصحيح : ليالي عشر رمضان ، أو عشر ذي الحجة ، فإنها ليال مشتملة على أيام فاضلة ، ويقع فيها من العبادات والقربات ما لا يقع في غيرها .

وفي ليالي عشر رمضان ليلة القدر ، التي هي خير من ألف شهر ، وفي نهارها ، صيام آخر رمضان الذي هو ركن من أركان الإسلام .

وفي أيام عشر ذي الحجة ، الوقوف بعرفة ، الذي يغفر الله فيه لعباده مغفرة يحزن لها الشيطان ، فما رئي الشيطان أحقر ولا أدحر منه في يوم عرفة ، لما يرى من تنزل الأملاك والرحمة من الله لعباده ، ويقع فيها كثير من أفعال الحج والعمرة ، وهذه أشياء معظمة ، مستحقة لأن يقسم الله بها .

في ظلال القرآن لسيد قطب 1387 هـ :

وإطلاقها هكذا أوقع وأندى . فهي ليال عشر يعلمها الله ....

التحرير والتنوير لابن عاشور 1393 هـ :

ومناسبة عطف { ليال عشر } على { الفجر } أن الفجر وقت انتهاء الليل ، فبينه وبين الليل جامع المضادة ، والليل مظهر من مظاهر القدرة الإلهية فلما أريد عطفه على الفجر بقوله : { والليل إذا يسر } خصت قبل ذكره بالذكرِ ليال مباركة إذ هي من أفراد الليل....فقسمُ اللَّه تعالى بالليالي العشر في هذه مما نزل بمكة قسم بما في علمه من تعيينها في علمه .

أضواء البيان في تفسير القرآن بالقرآن للشنقيطي 1393 هـ :

وفي السنة بيان فضيلة عشر ذي الحجة وعشر رمضان كما هو معلوم ، فإن جعل الفجر خاصاً بيوم النحر ، كان عشر ذي الحجة أقرب للسياق . واللَّه تعالى أعلم . ...