البحر المحيط لأبي حيان الأندلسي - أبو حيان  
{وَلَيَالٍ عَشۡرٖ} (2)

وقرأ الجمهور : { وليال عشر } بالتنوين ؛ وابن عباس : بالإضافة ، فضبطه بعضهم .

{ وليال عشر } بلام دون ياء ، وبعضهم وليالي عشر بالياء ، ويريد : وليالي أيام عشر .

ولما حذف الموصوف المعدود ، وهو مذكر ، جاء في عدده حذف التاء من عشر .

وقال ابن الزبير والكلبي وقتادة ومجاهد والضحاك والسدي وعطية العوفي : هي عشر ذي الحجة ؛ وابن عباس والضحاك : العشر الأواخر من رمضان .

وقال ابن جريج : الأول منه ؛ ويمان وجماعة : الأول من المحرم ومنه يوم عاشوراء ؛ ومسروق ومجاهد : وعشر موسى عليه السلام التي أتمها الله تعالى .

قيل : والأظهر قول ابن عباس للحديث المتفق على صحته .

قالت عائشة رضي الله تعالى عنها : كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا دخل العشر شد مئزره وأحيا ليله وأيقظ أهله .

قال التبريزي : اتفقوا على أنه العشر الأواخر ، يعني من رمضان ، لم يخالف فيه أحد ، فتعظيمه مناسب لتعظيم القسم .

وقال الزمخشري : وأراد بالليالي العشر عشر ذي الحجة .

فإن قلت : فما بالها منكرة من بين ما أقسم به ؟ قلت : لأنها ليال مخصوصة من بين جنس الليالي العشر ، بعض منها أو مخصوصة بفضيلة ليست لغيرها .

فإن قلت : فهل لا عرفت بلام العهد لأنها ليال معلومة معهودة ؟ قلت : لو فعل ذلك لم تستقل بمعنى الفضيلة الذي في التنكير ، ولأن الأحسن أن تكون اللامات متجانسة ليكون الكلام أبعد من الألغاز والتعمية ، انتهى .

أما السؤالان فظاهران ، وأما الجواب عنهما فلفظ ملفق لا يعقل منه معنى فيقبل أو يرد .