{ قَالَ } الله سبحانه وتعالى : { اذهب } ليس المراد به حقيقة الأمر بالذهاب ضد المجيء بل المراد تخليته وما سولته نفسه إهانة له كما تقول لمن يخالفك : افعل ما تريد ، وقيل : يجوز أن يكون من الذهاب ضد المجيء فمعناه حينئذ كمعنى قوله تعالى : { فاَخْرجَ مِنْهَا * فَإِنَّكَ رَجِيمٌ } [ الحجر : 34 ] وقيل . هو طرد وتخلية ويلزم على ظاهره الجمع بين الحقيقة والمجاز والقائل ممن ير جوازه ؛ ويدل على أنه ليس المراد منه ضد المجيء تعقيبه بالوعيد في قوله سبحانه : { فَمَن تَبِعَكَ مِنْهُمْ } وضل عن الحق { فَإِنَّ جَهَنَّمَ جَزَاؤُكُمْ } أي جزاؤك وجزاؤهم فغلب المخاطب على الغائب رعاية لحق المتبوعية ، وجوز الزمخشري وتبعه غير واحد أن يكون الخطاب للتابعين على الالتفات من غيبة المظهر إلى الخطاب ، وتعقبه ابن هشام في تذكرته فقال : عندي أنه فاسد لخلو الجواب أو الخبر عن الرابط فإن ضمير الخطاب لا يكون رابطاً ، وأجيب بأنه مؤول بتقدير فيقال لهم : إن جهنم جزاؤكم ، ورد بأنه يخرج حينئذ عن الالتفات ، وقال بعض المحققين : إن ضمير الخطاب إن سلم أنه لا يكون عائداً لا نسلم أنه إذا أريد به الغائب التفاتاً لا يربط به لأنه ليس ما بعد من الربط بالإسم الظاهر فاحفظ .
{ جَزَاء مَّوفُورًا } أي مكملاً لا يدخر منه شيء كما قال ابن جبير من فر كعد لصاحبك عرضه فرة أي كمل لصاحبك عرضه ، وعلى ذلك قوله :
ومن يجعل المعروف من دون عرضه . . . يفره ومن لا يتق الشتم يشتم
وجاء وفر لازماً نحو وفر المال يفر وفوراً أي كمل وكثر ، وانتصب { جَزَاء } على المصدر باضماء تجزون أو تجازون فإنهما بمعنى وهذا المصدر لهما .
/ وجوز أبو حيان وغيره كون العامل فيه { جَزَاؤُكُمْ } بناء على أن المصدر ينصب المفعول المطلق ، وجوز كونه حالا موطئة لصفتها التي هي حال في الحقيقة ولذا جاءت جامدة كقوله تعالى : { قُرْءاناً عَرَبِيّاً } [ يوسف : 2 ] ولا حاجة لتقدير ذوي فيه حينئذ وصاحب الحال مفعول تجزونه محذوفاً والعامل الفعل ، وقيل إنه حال من فاعله بتقدير ذوي جزاء ، وقال الطيبي : قيل المعنى ذوي جزاء ليكون حالاً عن ضمير المخاطبين ويكون المصدر عاملاً وإلا فالعامل مفقود ثم قال : الأظهر أنه حال مؤكدة لمضمون الجملة نحو زيد حاتم جواداً ، وفي الكشف أن هذا متعين وليس الأول بالوجه ، ومثله جعله حالاً عن الفاعل ، وقيل هو تمييز ولا يقبل عند ذويه .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.