روح المعاني في تفسير القرآن والسبع المثاني للآلوسي - الآلوسي  
{رَّبُّكُمُ ٱلَّذِي يُزۡجِي لَكُمُ ٱلۡفُلۡكَ فِي ٱلۡبَحۡرِ لِتَبۡتَغُواْ مِن فَضۡلِهِۦٓۚ إِنَّهُۥ كَانَ بِكُمۡ رَحِيمٗا} (66)

{ رَبَّكُمُ الذي يُزْجِى لَكُمُ الفلك فِى البحر } مبتدأ وخير ، وقيل الموصول صفة { رَبُّكُمْ } وهو صفة لقوله تعالى { الذى فَطَرَكُمْ } [ الإسراء : 51 ] أو بدل منه وذلك جائز وإن تباعد ما بينهما اه ، وفيه ما فيه ، وأصل الأزجاء السوق حالاً بعد حال والمراد به الإجراء وكأن اختياره عليه لما أنه أدل منه على القسر وهو أوفق بالمقام وأعظم في الانعام أي هو سبحانه وتعالى القادر الحكيم الذي يجري لنفكم السفن في البحر بالريح اللينة وبالآلات حسبما جرت به عادته تعالى { لِتَبْتَغُواْ مِن فَضْلِهِ } تصريح بالنفع أي لتطلبوا من رزقه الذي هو فضل من قبله سبحانه أو من الربح الذي هو جل شأنه معطيه ، ومن تبعيضية وتفسير الفضل بالحج أو الغزو غير مناسب ، وهذا تذكير لبعض النعم التي هي دلائل التوحيد الذي هو المراد الأصلي من البعثة وتمهيد لذكر توحيدهم عند مساس الضر تكملة لما مر من قوله سبحانه : { فَلاَ يَمْلِكُونَ } [ الإسراء : 56 ] الآية { إِنَّهُ كَانَ } أزلاً وأبداً { بِكُمْ رَحِيماً } حيث هيأ لكم ما تحتاجون إليه وسهل عليكم ما يعسر من مباديه ، وهذا تذليل فيه تعليل لما سبق من الإجاء والابتغاء للفضل ، وصيغة الرحيم كما في إرشاد العقل السليم للدلالة على أن المراد بالرحمة الرحمة الدنيوية والنعمة العاجلة المنقسمة إلى الجليلة والحقيرة ، وهو مبني على اختصاص الرحيم بالدنيا كما هو المشهور ، وعليه يا رحمن الدنيا والآخرة ورحيم الدنيا ، وقيل بعدم الاختصاص وعليه يا رحمن الدنيا والآخرة ورحيمهما .