فكأنه قيل : لقد أطال في الاجتراء فما قال له ربه بعد الثالثة ؟ فقيل : { قال } مهدداً له : { اذهب } أي امض لثباتك الذي ذكرته بإرادتي لا بأمري ، فإنك لن تعدو أمرنا فيك وقد حكمنا بشقاوتك وشقاوة من أردنا طاعته لك ، ولذلك سبب عنه قوله تعالى : { فمن تبعك } أي أدنى اتباع { منهم } أي أولاد آدم عليه السلام ، ويجوز أن يراد بتجريد الفعل أن من تبعه بغير معالجة من فطرته الأولى لا يكون إلا عريقاً في الشر .
ولما كان التقدير : أذقته من خزيك ، عبر عنه بقوله تعالى : { فإن جهنم } أي الطبقة النارية التي تتجهم داخلها { جزاؤكم } أي جزاءك وجزاءهم ، تجزون ذلك { جزاء موفوراً * } مكملاً وافياً بما تستحقون على أعمالكم الخبيثة .
ومادة " وفر " بجميع تراكيبها - وهي خمسة عشر ، في الواوي ستة : وفر ، ورف ، فور ، فرو ، رفو ، روف ، وفي اليائي ثلاثة : فري ، رفي ، ريف ، وفي المهموز ستة : رفأ ، رأف ، فرأ ، فأر ، أفر ، أرف - تدور على السعة ، والمجاوزة للحد ، والعلو على المقدار ، والفضل عن الكفاية ؛ فالوفر : المكان الكبير ، وسقاء وفر : لم ينقص من أديمه شيء ، وإداوة وفراء ، والوفرة : ما بلغ الأذنين من الشعر ، والوافر : ضرب من العروض وزنه مفاعلتن ست مرات ، والوفر : الغنى ، ومن المال : الكثير الواسع ، والعام من كل شيء ، ووفره توفيراً : أكثره ، ووفر له عرضه : لم يشتمه ، ووفر عطاءه : رده عليه وهو راضٍ ، ووفره توفيراً : أكمله وجعله وافراً - لأن الكمال لا يكاد يتحقق إلا مع زيادة ، والثوب : قطعه وافراً ، والوافرة : ألية الكبش إذا عظمت ، والدنيا ، والحياة ، وكل شحمة مستطيلة ، وهم متوافرون : فيهم كثرة ، واستوفر عليه حقه : استوفاه .
وورف النبت يرف إذا رأيت له بهجة من ريه ، ولا يكون ذلك إلا من نضارته واتساعه وكونه ملء العين ، وورف الظل يرف ورفاً ووريفاً ووروفاً : اتسع وطال وامتد كأورف وورّف والورف : ما رق من نواحي الكبد - لزيادته واسترخائه ، والرفة - كعدة : الناضر من النبت ، وورفته توريفاً : مصصته ، والأرض : قسمتها - كأنه من الإزالة .
وفارت القدر - إذا غلت حتة يعلو ما فيها فتفيض ، وكل حارّ يفور فوراً ، وفار العرق - إذا انتفخ ، زاد في القاموس : وضرب ، والمسكُ ، انتشر ، وفارة الإبل : فوح جلودها إذا نديت بعد الورد ، والفائر : المنتشر العصب من الدواب وغيرها ، وأتوا من فورهم : من وجههم أو قبل أن يسكنوا - لأن حركتهم توسع وانتشار فسميت فوراً والفار : عضل الإنسان - لأنه أثخن مما دونه ، والفور - بالضم : الظباء ، جمع فائر - لأنه من أسرع الحيوان نفاراً ، وأشدها وثباً ، وأوسعها عدواً ، وقال القزاز : والفارة والفورة : ريح تكون في رسغ الفرس تنفش إذا مسحت وتجتمع إذا تركت ، وقال في فأر : فإذا مشى انفشت ، وأعاده في القاموس في المهموز فقال : والفأرة له - أي للذكر من الحيوان المعروف - وللأنثى ، وريح في رسغ الدابة تنفش إذا مسحت وتجتمع إذا تركت كالفورة بالضم ، والفور : ولد الحمار - لخفته وسرعة حركته ووثبه ، وفوارتا الكرش : غدتان في جوف لحمتين ، وقيل : الفوارة : اللحمة - التي في داخلها الغدة ، وقيل : تكونان لكل ذي لحم ، وذلك لوجوب الزيادة سواء قلنا : إنها لحمة أو غدة ، وقال القزاز : وقالوا : ماء الرجل إنما يقع في الكلية ثم في الفوارة ثم في الخصية ، فعلى هذا سمي لأنه يقذف ما فيه إلى الخصية ، والفياران - بالكسر : حديدتان تكتنفان لسان الميزان لاتساعهما عن اللسان ، والفيرة - بالكسر بالهمز وبغيره : تمر يغلى ويمرس ويطبخ بحلبة تشربها النفساء قاله القزاز ، وفي مختصر العين : حلبة تطبخ ؛ فإذا فارت فوارتها ألقيت في معصرة ثم صفيت وتحسيها النفساء ، وأعاده في القاموس في المهموز وقال : والفئرة - بالكسر - والفؤارة كثمامة والفئيرة والفئرة كعنبة ويترك همزها : حلبة تطبخ للنفساء - سميت إما لغليانها وإما للاتساع بجمع التمر والحلبة .
والفرو والفروة : لبس معروف - لخروج صوفها وزيادة الرفق به ، كأنها أصل المادة كلها ، وفروة الرأس : جلدته بشعرها ، والفروة : الأرض البيضاء ليس لها نبات - لأنه أوسع لها من حيث هي ، والفروة : الغنى والثروة وقطعة نبات مجتمعة يابسة ، وجبة شمر كماها - لأنه لولا زيادتهما ما شمرا ، ونصف كساء يتخذ من أوبار الإبل - كأنه شبه بالفروة لطول وبره ، وخريطة يجعل السائل فيها صدقته ، والتاج - لاتساعه وعلوه وكماله ولغنى صاحبه ، وخمار المرأة - لزيادته على كفايتها ولسبوغه وفضله عن رأسها .
ورفا الثوب يرفوه : أصلحه ولأم خرقه : وقال في القاموس : في المهموز : وضم بعضه إلى بعض ، قال القزاز : والهمز أكثر ؛ والرفاء - ككساء : الالتحام والاجتماع والاتفاق ، ومنه ما يدعى به للمتزوج : بالرفاء والبنين ، وأعادوه في المهموز . وقال في القاموس : أي بالالتئام وجمع الشمل ، قال القزاز : ومعنى رفا : تزوج ، والأرفى : العظيم الأذنين في استرخاء ، قال القزاز : والأذن الرفواء هي التي تقبل على الأخرى حتى تكاد تماس أطرافهما ؛ ورفوت الرجل : إذا سكنته من رعب ، وأعاده في القاموس في المهموز - لأن ذلك أوسع لفكره لأنه أقر لعينه .
والروف : السكون - وهو أوسع من الاضطراب لأنه لا يكون إلا عن قرار العين ، قال في القاموس : وليس من الرأفة ، والروفة : الرحمة ، وراف يراف لغة في رأف يرأف - وستأتي بقيتها قريباً إن شاء الله تعالى .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.