السراج المنير في تفسير القرآن الكريم للشربيني - الشربيني  
{قَالَ ٱذۡهَبۡ فَمَن تَبِعَكَ مِنۡهُمۡ فَإِنَّ جَهَنَّمَ جَزَآؤُكُمۡ جَزَآءٗ مَّوۡفُورٗا} (63)

ثم كأنه قيل لقد أطال عدوّ الله الاجتراء فما قال له ربه بعد ذلك فقيل : { قال } ممدّا له { اذهب } أي : امض لما قصدته وهو طرد وتخلية بينه وبين ما سوّلت له نفسه ، وتقدّم في الحجر أنه إنما يؤخر إلى يوم الوقت المعلوم وهو يوم ينفخ في الصور لا أنه يؤخر إلى يوم القيامة كما طلب ، وقرأ أبو عمرو وخلاد والكسائيّ بإدغام الباء الموحدة في الفاء ، وأظهرها الباقون .

ولما حكم تعالى بشقاوته وشقاوة من أراد طاعته له تسبب عنه قوله تعالى : { فمن تبعك منهم } أي : أولاد آدم عليه السلام { فإن جهنم } أي : الطبقة النارية التي تتجهم داخلها { جزاؤكم } أي : جزاؤك وجزاء أتباعك تجزون ذلك { جزاء موفوراً } أي : مكملاً وافياً بما تستحقون على أعمالكم الخبيثة . ولما طلب إبليس اللعين من الله تعالى الإمهال إلى يوم القيامة لأجل أن يحتنك ذرية آدم ذكر الله تعالى له أشياء الأوّل اذهب ، أي : امض كما مرّ فإني أمهلتك هذه المدّة وليس من الذهاب الذي هو ضدّ المجيء .