فتح البيان في مقاصد القرآن للقنوجي - صديق حسن خان  
{قَالَ ٱذۡهَبۡ فَمَن تَبِعَكَ مِنۡهُمۡ فَإِنَّ جَهَنَّمَ جَزَآؤُكُمۡ جَزَآءٗ مَّوۡفُورٗا} (63)

{ قَالَ اذْهَبْ فَمَن تَبِعَكَ مِنْهُمْ فَإِنَّ جَهَنَّمَ جَزَآؤُكُمْ جَزَاء مَّوْفُورًا ( 63 ) }

{ قَالَ } الله تعالى { اذْهَبْ } ليس من الذهاب الذي هو ضد المجيء ، وإنما معناه امض لشأنك الذي اخترته خذلانا وتخلية بينه وبين ما سولته نفسه ، أمره بأوامر خمسة القصد بها التهديد والاستدراج لا التكليف ، لأنها كلها معاص والله لا يأمر بها ؛ والمعنى اذهب منظرا إلى وقت النفخة الأولى مع أن غرضه الإمهال والإنظار إلى النفخة الثانية ، وغرضه بذلك طلب أن لا يموت أصلا لأنه يعلم أنه لا يموت بعد النفخة الثانية .

ثم عقب الذهاب بذكر ما جره سوء اختياره فقال : { فَمَن تَبِعَكَ } وأطاعك { مِنْهُمْ فَإِنَّ جَهَنَّمَ جَزَآؤُكُمْ } أي إبليس ومن أطاعه ، والخطاب للتغليب لأنه تقدم غائب ومخاطب في قوله : { فمن تبعك منهم } فغلب المخاطب أو يكون الخطاب مرادا به من خاصة ويكون ذلك على سبيل الالتفات { جَزَاء مَّوْفُورًا } أي وافرا مكملا ، يقال وفرته أفره وفرا ، ووفر المال بنفسه يفر وفورا فهو وافر فهو مصدر .