الدر المنثور في التفسير بالمأثور للسيوطي - السيوطي  
{قَالَ لَا تَخَافَآۖ إِنَّنِي مَعَكُمَآ أَسۡمَعُ وَأَرَىٰ} (46)

وأخرج ابن المنذر ، عن ابن جريج في قوله : { قال لا تخافا إنني معكما أسمع وأرى } قال : أسمع ما يقول { وأرى } ما يجاوبكما ، فأوحي إليكما فتجاوباه .

وأخرج ابن أبي شيبة وابن أبي حاتم بسند جيد ، عن ابن مسعود قال : لما بعث الله موسى إلى فرعون ، قال : رب ، أي شيء أقول ؟ قال : قل أهيا شراً هيا . قال الأعمش : تفسير ذلك ، الحي قبل كل شيء ، والحي بعد كل شيء .

وأخرج أحمد في الزهد ، عن ابن عباس قال : لما بعث الله موسى إلى فرعون قال : «لا يغرنكما لباسه الذي ألبسته ، فإن ناصيته بيدي ، فلا ينطق ولا يطرف إلا بإذني ، ولا يغرنكما ما متع به من زهرة الدنيا وزينة المترفين ، فلو شئت أن أزينكما من زينة الدنيا بشيء ، يعرف فرعون أن قدرته تعجز عن ذلك لفعلت ، وليس ذلك لهوانكما علي ، ولكني ألبستكما نصيبكما من الكرامة على أن لا تنقصكما الدنيا شيئاً ، وإني لأذود أوليائي عن الدنيا ، كما يذود الراعي إبله عن مبارك الغيرة ، وإني لأجنبهم كما يجنب الراعي إبله عن مراتع الهلكة ، أريد أن أنور بذلك صدورهم ، وأطهر بذلك قلوبهم فيَّ ، سيماهم الذين يعرفون وأمرهم الذي يفتخرون به ، وأعلم : أنه من أخاف لي ولياً فقد بارزني ، وأنا الثائر لأوليائي يوم القيامة » .