الدر المصون في علم الكتاب المكنون للسمين الحلبي - السمين الحلبي  
{إِنۡ هِيَ إِلَّا حَيَاتُنَا ٱلدُّنۡيَا نَمُوتُ وَنَحۡيَا وَمَا نَحۡنُ بِمَبۡعُوثِينَ} (37)

قوله : { إِنْ هِيَ } : " هي " ضميرٌ يُفَسِّره سياقُ الكلامِ أي : إنْ حياتُكم إلاََّ حياتُنا . قال الزمخشري : " هذا ضميرٌ لا يُعْلَمُ ما يُرادُ به إلاَّ بما يَتْلوه مِنْ بيانِه . وأصلُه : إنِ الحياةُ إلاَّ حياتُنا الدنيا ، فوَضَعَ " هي " مَوْضِعَ " حياتُنا " لأنَّ الخبرَ يَدُلُّ عليها ويُبَيِّنها . ومنه " هي النفس تتحمَّل ما حَمَلت " و " هي العربُ تقولُ ما شاءَتْ " . وقد جَعَلَ بعضُهم هذا القِسْمَ ممَّا يُفَسَّر بما بعدَه لفظاً ورتبةً ونسبه إلى الزمخشريِّ متعلقاً بهذا الكلام الذي نقلتُه عنه ، لا تَعَلُّقَ له في ذلك .

قوله : { نَمُوتُ وَنَحْيَا } جملةٌ مفسِّرةٌ لما ادَّعَوْه مِنْ أَنْ حياتَهم ما هي إلاَّ كذا . وزعم بعضُهم أنَّ فيها دليلاً على عدمِ الترتيبِ في الواو ، إذ المعنى : نحيا ونموتُ إذ هو الواقعُ . ولا دليلَ فيها ؛ لأنَّ الظاهرَ مِنْ معناها : يموت البعض مِنَّا ، ويَحْيا آخرون ، وهَلُمَّ جرَّا . يُشيرون إلى انقراضِ العصرِ وخَلْفِ غيرِه مكانَه . وقيل : نموت نحن ويَحْيا أبناؤنا . وقيل : القومُ يعتقدونَ الرَّجْعَةَ أي : نموت ثم نَحْيا بعد ذلك الموتِ .