روح المعاني في تفسير القرآن والسبع المثاني للآلوسي - الآلوسي  
{قَالُواْ نَعۡبُدُ أَصۡنَامٗا فَنَظَلُّ لَهَا عَٰكِفِينَ} (71)

{ قَالُواْ نَعْبُدُ أَصْنَاماً فَنَظَلُّ لَهَا عاكفين } لم يقتصروا على الجواب الكافي بأن يقولوا أصناماً كما في قوله تعالى : { مَاذَا أَنزَلَ رَبُّكُمْ قَالُواْ خَيْرًا } [ النحل : 30 ] { يسألونك ماذا ينفقون العفو } [ البقرة : 219 ] إلى غير ذلك بل أطنبوا فيه بإظهار الفعل وعطف دوام عكوفهم على أصنامهم مع أنه لم يسأل عنه قصداً إلى إبراز ما في نفوسهم الخبيثة من الابتهاج والافتخار بذلك . وهو على ما في «الكشف » من الأسلوب الأحمق ، والمراد بالظلول الدوام كما في قولهم : لو ظل الظلم هلك الناس . وتكون ظل على هذا تامة . وقد قال بمجيئها كذلك ابن مالك وأنكره بعض النحاة ، وقيل : فعل الشيء نهاراً فقد كانوا يعبدونها بالنهار دون الليل فتكون ظل على هذا ناقصة دالة على ثبوت خبرها لاسمها في النهار .

واختار بعض الأجلة لتبادر الدوام وكونه أبلغ مناسباً لمقام الابتهاج والافتخار ، واختار الزمخشري الثاني لأنه أصل المعنى وهو مناسب للمقام أيضاً لأنه يدل على إعلانهم الفعل لافتخارهم به . و { عاكفين } على الأول حال وعلى الثاني خبر والجار متعلق به . وإيراد اللام دون على لإفادة معنى زائد كأنهم قالوا نظل لأجلها مقبلين على عبادتها أو مستديرين حولها . وهذا أيضاً على ما قيل من جملة إطنابهم .