البحر المحيط لأبي حيان الأندلسي - أبو حيان  
{قَالُواْ نَعۡبُدُ أَصۡنَامٗا فَنَظَلُّ لَهَا عَٰكِفِينَ} (71)

ولما سألهم عن الذي يعبدونه ، ولم يقتصروا على ذكره فقط ، بل أجابوا بالفعل ومتعلقه وما عطف عليه من تمام صفتهم مع معبودهم ، فقالوا : { نعبد أصناماً فنظل لها عاكفين } : على سبيل الابتهاج والافتخار ، فأتوا بقصتهم معهم كاملة ، ولم يقتصروا على أن يجيبوا بقولهم : أصناماً ، كما جاء : { ماذا أنزل ربكم قالوا خيراً } { ويسألونك ماذا ينفقون قل العفو } ولذلك عطفوا على ذلك الفعل قولهم : { فنظل } .

قال : كما تقول لرئيس : ما تلبس ؟ فقال : ألبس مطرف الخز فأجر ذيوله ، يريد الجواب : وحاله مع ملبوسه .

وقالوا : فنظل ، لأنهم كانو يعبدونهم بالنهار دون الليل .

ولما أجابوا إبراهيم ، أخذ يوقفهم على قلة عقولهم ، باستفهامه عن أوصاف مسلوبة عنهم لا يكون ثبوتها إلا لله تعالى .