{ مِن دُونِ الله قَالُواْ ضَلُّواْ عَنَّا } وضلالهم عنهم بمعنى غيبتهم من ضلت دابته إذا لم يعرف مكانها ، وهذا لا ينافي ما يشعر بأن آلهتهم مقرونون بهم في النار لأن للنار طبقات ولهم فيها مواقف فيجوز غيبتهم عنهم في بعضها واقترانهم بهم في بعض آخر ، ويجوز أن يكون ضلالهم استعارة لعدم النفع فحضورهم كالعدم فذكر على حقيقته في موضع وعلى مجازه في آخر { بَل لَّمْ نَكُنْ نَّدْعُواْ مِن قَبْلُ شَيْئاً } أي بل تبين لنا اليوم إنا لم نكن نعبد في الدنيا شيئاً يعتد به ، وهو إضراب عن كون الآلهة الباطلة ليست بموجودة عندهم أو ليست بنافعة إلى أنها ليست شيئاً يعتد به .
وفي ذلك اعتراف بخطئهم وندم على قبيح فعلهم حيث لا ينفع ذلك ، وجعل الجلبي هذه الآية كقوله تعالى : { والله رَبّنَا مَا كُنَّا مُشْرِكِينَ } [ الأنعام : 23 ] يفزعون إلى الكذب لحيرتهم واضطرابهم ، ومعنى قوله تعالى : { كَذَلِكَ يُضِلُّ الله الكافرين } أنه تعالى يحيرهم في أمرهم حتى يفزعون إلى الكذب مع علمهم بأنه لا ينفعهم ، ولعل ما تقدم هو المناسب للسياق .
ومعنى هذا مثل ذلك الإضلال يضل الله تعالى في الدنيا الكافرين حتى أنهم يدعون فيها ما يتبين لهم أنه ليس بشيء أو مثل ضلال آلهتهم عنهم في الآخرة نضلهم عن آلهتهم فيها حتى لو طلبوا الآلهة وطلبتهم لم يلق بعضهم بعضاً أو مثل ذلك الضلال وعدم النفع يضل الله تعالى الكافرين حتى لا يهتدوا في الدنيا إلى ما ينفعهم في الآخرة ، وفي المجمع كما أضل الله تعالى أعمال هؤلاء وأبطل ما كانوا يؤملونه كذلك يفعل بأعمال جميع من يتدين بالكفر فلا ينتفعون بشيء منها ، فإضلال الكافرين على معنى إضلال أعمالهم أي إبطالها ، ونقل ذلك عن الحسن ، وقيل في معناه غير ذلك .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.