مفاتيح الغيب للرازي - الفخر الرازي  
{مِن دُونِ ٱللَّهِۖ قَالُواْ ضَلُّواْ عَنَّا بَل لَّمۡ نَكُن نَّدۡعُواْ مِن قَبۡلُ شَيۡـٔٗاۚ كَذَٰلِكَ يُضِلُّ ٱللَّهُ ٱلۡكَٰفِرِينَ} (74)

فيقولون { ضلوا عنا } أي غابوا عن عيوننا فلا نراهم ولا نستشفع بهم ، ثم قالوا { بل لم نكن ندعوا من قبل شيئا } أي تبين لهم أنهم لم يكونوا شيئا ، وما كنا نعبد بعبادتهم شيئا ، كما تقول حسبت أن فلانا شيء ، فإذا هو ليس بشيء إذا جربته فلم تجد عنده خيرا ، ويجوز أيضا أن يقال إنهم كذبوا وأنكروا أنهم عبدوا غير الله ، كما أخبر الله تعالى عنهم في سورة الأنعام أنهم قالوا { والله ربنا ما كنا مشركين } ثم قال تعالى : { كذلك يضل الله الكافرين } قال القاضي : معناه أنه يضلهم عن طريق الجنة ، إذ لا يجوز أن يقال يضلهم عن الحجة إذ قد هداهم في الدنيا إليها ، وقال صاحب الكشاف { كذلك يضل الله الكافرين } مثل ضلال آلهتهم عنهم يضلهم عن آلهتهم ، حتى أنهم لو طلبوا الآلهة أو طلبتم الآلهة لم يجد أحدهما الآخر .