فتح البيان في مقاصد القرآن للقنوجي - صديق حسن خان  
{مِن دُونِ ٱللَّهِۖ قَالُواْ ضَلُّواْ عَنَّا بَل لَّمۡ نَكُن نَّدۡعُواْ مِن قَبۡلُ شَيۡـٔٗاۚ كَذَٰلِكَ يُضِلُّ ٱللَّهُ ٱلۡكَٰفِرِينَ} (74)

{ أَيْنَ مَا كُنْتُمْ تُشْرِكُونَ 73 مِنْ دُونِ اللَّهِ } هذا توبيخ وتقريع لهم ، أي أين الشركاء الذين كنتم تعبدونهم من دون الله ؟ وهي الأصنام وغيرها ،

{ قَالُوا ضَلُّوا عَنَّا } أي يقولون : ذهبوا وغابوا ، وفقدناهم فلا نراهم ، ثم أضربوا عن ذلك وانتقلوا إلى الإخبار بعدمهم ، وأنه لا وجود لهم فقالوا :

{ بَلْ لَمْ نَكُنْ نَدْعُو مِنْ قَبْلُ شَيْئًا } أي لم نكن نعبد شيئا ، قالوا هذا بعد ما تبين لهم ما كانوا فيه من الضلالة والجهالة ، وأنهم كانوا يعبدون ما لا يبصر ولا يسمع ولا يضر ولا ينفع ، وليس هذا إنكارا منهم لوجود الأصنام التي كانوا يعبدونها ، بل اعتراف منهم بأن عبادتهم إياها كانت باطلة ، كقولك :حسبته شيئا فلم يكن كذلك ، وقال المحلي : أنكروا عبادتهم إياها انتهى . وهذا المعنى بعيد في مقام الحساب والعرض على رب العالمين { كَذَلِكَ } الضلال الفظيع { يُضِلُّ اللَّهُ الْكَافِرِينَ } حيث عبدوا هذه الأصنام التي أوصلتهم إلى النار .