روح المعاني في تفسير القرآن والسبع المثاني للآلوسي - الآلوسي  
{وَجُمِعَ ٱلشَّمۡسُ وَٱلۡقَمَرُ} (9)

{ وَجُمِعَ الشمس والقمر } حيث يطلعهما الله تعالى من المغرب على ما روي عن ابن مسعود ولا ينافيه الخسوف إذ ليس المراد به مصطلح أهل الهيئة وهو ذهاب نور القمر لتقابل النيرين وحيلولة الأرض بينهما بل ذهاب نوره لتجل خاص في ذلك اليوم أو لاجتماعه مع الشمس وهو المحاق وجوز أن يكون الخسوف بالمعنى الاصطلاحي ويعتبر في وسط الشهر مثلاً ويعتبر الجمع في آخره إذ لا دلالة على اتحاد وقتيهما في «النظم الجليل » وأنت تعلم أن هذا خسوف يزري بحال أهل الهيئة ولا يكاد يخطر لهم ببال كالجمع المذكور وأخرج ابن جرير وابن المنذر عن عطاء ابن يسار قال يجمعان ثم يقذفان في البحر فيكون نار الله الكبرى وتوسعة البحر أو تصغيرهما مما لا يعجز الله عز وجل وأحوال يوم القيامة على خلاف النمط الطبيعي وحوادثه أمور وراء الطبيعة فلا يقال أين البحر من جرم القمر فضلاً عن جرم الشمس الذي هو بالنسبة إليها كالبعوضة بالنسبة إلى الفيل ولا كيف يجمعان ويقذفان وقيل يجمعان أسودين مكورين كأنهما ثوران عقيران في النار وعن علي كرم الله تعالى وجهه وابن عباس يجمعان ويجعلان في نور الحجب وقيل يجمعان ويقربان من الناس فيلحقهم العرق لشدة الحر وقيل جمعاً في ذهاب الضوء وروي عن مجاهد وهو اختيار الفراء والزجاج فالجمع مجاز عن التساوي صفة وفيه بعد إذ كان الظاهر عند إرادة ذلك أن يقال من أول الأمر وخسف الشمس والقمر ولا غبار في نسبة الخسوف إليهما لغة وكذا الكسوف ولم يلحق الفعل علامة التأنيث لتقدمه وكون الشمس مؤنثاً مجازياً وفي مثله يجوز الأمران وكان اختيار ترك الإلحاق لرعاية حال القمر المعطوف وقال الكسائي إن التذكير حمل على المعنى والتقدير جمع النوران أو الضياآن وليس بذاك .