الجامع لأحكام القرآن للقرطبي - القرطبي  
{وَجُمِعَ ٱلشَّمۡسُ وَٱلۡقَمَرُ} (9)

" وجمع الشمس والقمر " أي جمع بينهما في ذهاب ضوئهما ، فلا ضوء للشمس كما لا ضوء للقمر بعد خسوفه ، قاله الفراء والزجاج .

قال الفراء : ولم يقل جمعت ؛ لأن المعنى جمع بينهما . وقال أبو عبيدة : هو على تغليب المذكر . وقال الكسائي : هو محمول على المعنى ، كأنه قال الضوءان . المبرد : التأنيث غير حقيقي . وقال ابن عباس وابن مسعود : جمع بينهما أي قرن بينهما في طلوعهما من المغرب أسودين مكورين مظلمين مقرنين كأنهما ثوران عقيران . وقد مضى الحديث بهذا المعنى في آخر سورة " الأنعام " {[15608]} . وفي قراءة عبد الله " وجمع بين الشمس والقمر " وقال عطاء بن يسار : يجمع بينهما يوم القيامة ثم يقذفان في البحر ، فيكونان نار الله الكبرى . وقال علي وابن عباس : يجعلان في ( نور{[15609]} ) الحجب . وقد يجمعان في نار جهنم ؛ لأنهما قد عبدا من دون الله ولا تكون النار عذابا لهما لأنهما جماد ، وإنما يفعل ذلك بهما زيادة في تبكيت الكافرين وحسرتهم . وفي مسند أبي داود الطيالسي ، عن يزيد الرقاشي ، عن أنس ابن مالك يرفعه إلى النبي صلى الله عليه وسلم قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( إن الشمس والقمر ثوران عقيران في النار )

وقيل : هذا الجمع أنهما يجتمعان ولا يفترقان ، ويقربان من الناس ، فيلحقهم العرق لشدة الحر ، فكأن المعنى يجمع حرهما عليهم . وقيل : يجمع الشمس والقمر ، فلا يكون ثم تعاقب ليل ولا نهار .


[15608]:راجع ج 7 ص 146.
[15609]:الزيادة من كتب التفسير.