معاني القرآن للفراء - الفراء  
{وَجُمِعَ ٱلشَّمۡسُ وَٱلۡقَمَرُ} (9)

وقوله عز وجل : { وَجُمِعَ الشَّمْسُ وَالْقَمَرُ } .

[ وفي قراءة عبد الله ] وجمع بين الشمس والقمر يريد : في ذهاب ضوئها أيضا فلا ضوء لهذا ولا لهذه . فمعناه : جمع بينهما في ذهاب الضوء كما تقول : هذا يوم يستوي فيه الأعمى والبصير أي : يكونان فيه أعميين جميعا . ويقال : جمعا كالثورين العقيرين في النار . وإنما قال : جُمِع ولم يقل : جمعت لهذا ؛ لأن المعنى : جمع بينهما فهذا وجه ، وإن شئت جعلتهما جميعا في مذهب ثورين . فكأنك قلت : جُمِع النوران ، جُمِع الضياءان ، وهو قول الكسائي : وقد كان قوم يقولون : إنما ذكرنا فعل الشمس لأنها لا تنفرد بجُمع حتى يشركَها غيرها ، فلما شاركها مذكر كان القول فيهما جُمِعا ، ولم يجر جمعتا ، فقيل لهم : كيف تقولون الشمس [ 116/ا ] جُمعَ والقمر ؟

فقالوا : جُمِعت ، ورجعوا عن ذلك القول .