غرائب القرآن ورغائب الفرقان للحسن بن محمد النيسابوري - النيسابوري- الحسن بن محمد  
{وَجُمِعَ ٱلشَّمۡسُ وَٱلۡقَمَرُ} (9)

1

وثالثها { وجمع الشمس والقمر } قيل : أي في اطلاعهما من المغرب . وقيل : في ذهاب الضوء . وقيل : يجتمعان أسودين مكورين كأنهما ثوران عقيران كما جاء في الحديث ، ولعل ذلك لأنهما عبدا من دون الله ، و الثور مثل في الذل والبلادة فإذا كان عقيراً أي جريحاً كان أبلغ في ذلك . وقيل : يجمعان ثم يقذفان في البحر فيكون نار الله الكبرى . طعن الملاحدة في الآية بأن خسوف القمر لا يحصل باجتماع الشمس والقمر . وأجيب بأنه تعالى قادر على خسف القمر في غير حالة المقابلة وحيلولة الأرض . والأولى عندي أن يجاب بأن اجتماعهما بمعنى آخر غير ما هو المعهود بين أهل التنجيم كما مر من الأقوال . ولئن سلمنا أن المراد هو الاجتماع المعهود فالقمر حينئذ في المحق وهو خسفه ، أو لعل القمر خسف في وسط الشهر والاجتماع يكون في آخره فإن اتحاد الزمان في هذه الأمور غير مذكور .

ومنهم من جعل هذه الأمور من علامات الموت ، أما شخوص البصر تحيره حين الموت فظاهر ، وأما خسوف القمر فمعناه ذهاب ضوء البصر بعد الحيرة : يقال : عين خاسفة إذا فقئت فغارت حدقتها في الرأس . وأما جمع الشمس والقمر فكناية عن اتصال الروح بعالم الآخرة ، فالروح كالقمر وعالم الآخرة وهو عالم الأنوار والكشوف كالشمس وكما أن القمر يقبل النور من الشمس فالروح تقبل نور المعارف من ذلك العالم وهذا التفسير بالتأويل أشبه . قال الفراء : إنما قال { جمع } ولم يقل " جمعت " مع أن التأنيث أحسن لأن المراد أنه جمع بينهما في زوال النور . وقال الكسائي : المعنى جمع النوران والضياآن . وقال أبو عبيدة : القمر شارك الشمس في الجمع فغلب جانب التذكير .

/خ40