التفسير الشامل لأمير عبد العزيز - أمير عبد العزيز  
{ٱلَّذِينَ يُبَلِّغُونَ رِسَٰلَٰتِ ٱللَّهِ وَيَخۡشَوۡنَهُۥ وَلَا يَخۡشَوۡنَ أَحَدًا إِلَّا ٱللَّهَۗ وَكَفَىٰ بِٱللَّهِ حَسِيبٗا} (39)

قوله : { الَّذِينَ يُبَلِّغُونَ رِسَالَاتِ اللَّهِ } ذلك إطراء من الله لرسله الذين خلوا من قبل وهم الذين يضطلعون بأكرم وجيبة وأشرفها وهي تبليغ رسالات الله إلى الناس فينصحون لهم ويأمرونهم بالحق وينهونهم عن الباطل وينذرونهم لقاء الله في الآخرة . وهم في ذلك إنما يخافون الله وحده ولا يخافون أحدا سواه . فلا تصدنهم سطوة الظالمين والمعرضين عن تبليغ ما أوكل الله إليهم من أمانة التبليغ { وَكَفَى بِاللَّهِ حَسِيبًا } أي كفى بالله حافظا لأعمال العباد ومحاسبا عليها ، صغيرة أو كبيرة . أو كفى به ناصرا ومعينا وكافيا للمخاوف{[3750]} فهو سبحانه أحق أن يخشاه العباد . والمرسلون في ذلك عنوان الشجاعة والصبر والتجرد لدين الله . وهم المثال المحتذى في الصدق وعلو الهمة والدعوة إلى الله مخلصين ثابتين غير خائفين ولا وجلين . ورسول الله محمد صلى الله عليه وسلم سيد البشرية كافة وإمام المرسلين أجمعين في هذا المعنى . فقد أدى ما عليه من أمانة التبليغ كامل الأداء ، فلم تثنه الصعاب والمكاره والمكائد حتى لقي الله راضيا مرضيّا وقد شاع دينه فملأ شطرا من الأرض . ثم قام بإشاعته وتبليغه من بعده غرٌّ ميامين من صحابة وتابعين وتابعيهم ومن بعدهم من الأبرار الذين حملوا رسالة الإسلام إلى الخافقين .


[3750]:تفسير ابن كثير ج 3 ص 492 والكشاف ج 3 ص 263-264