تأويلات أهل السنة للماتريدي - الماتريدي  
{ٱلَّذِينَ يُبَلِّغُونَ رِسَٰلَٰتِ ٱللَّهِ وَيَخۡشَوۡنَهُۥ وَلَا يَخۡشَوۡنَ أَحَدًا إِلَّا ٱللَّهَۗ وَكَفَىٰ بِٱللَّهِ حَسِيبٗا} (39)

الآية 39 وقوله تعالى : { الذين يبلغون رسالات الله ويخشونه ولا يخشون أحدا إلا الله } يقول أهل التأويل : هو محمد خاصة : فمعناه ، والله أعلم : إن كان هو المراد به أنه في ما تزوج حليلة دعيّه زيد مبلغ رسالات ربه حين( {[16695]} ) قال : { لا يكون على المؤمنين حرج في أزواج أدعيائهم } . وتبليغ الرسالة يكون مرة بالخبر والقول ، ومرة بالفعل ، يلزم الناس في إتباعه في فعله كما يلزم في خبره وأمره إلا في ما ظهرت له الخصوصية في فعل ما .

وجائز أن يكون قوله : { الذين يبلغون رسالات الله } هم الأنبياء الذين قال [ فيهم ]( {[16696]} ) : { سنة الله في الذين خلوا من } قبل بعثهم ، وقال { الذين يبلغون رسالات الله } . فسنة الله في محمد كسنة أولئك الذين كانوا من قبل في ما ذكر : { ويخشونه ولا يخشون أحدا إلا الله } .

يقول ، والله أعلم : يخشون الله في ترك تبليغ الرسالة ، ولا يخشون أحدا سواه في التبليغ . ويكون قوله : { إلا الله } بمعنى سواه على المبالغة في الأمر . وإلا لو قال : ولا تخشون أحدا كافيا أي لا يخشون في ما يبلغون . لكن يحتمل ما ذكرنا ألا يخشوا أحدا في ما يبلغون سواه .

وجائز أن يكون قوله : { ويخشونه ولا يخشون أحدا إلا الله } بما يصيبهم من الأذى والبلاء بالتبليغ . يقول : لا يرون ذلك من أولئك ، ولكن بتقدير من الله إياه ، وإلا كانوا يخافون من أولئك . ألا ترى [ ما قال موسى وأخوه ]( {[16697]} ) : { إننا نخاف أن يفرط علينا أو أن يطغى } ؟ [ طه : 45 ] [ وما ]( {[16698]} ) قال موسى : { فأخاف أن يقتلون } وقال( {[16699]} ) : { أخاف أن يكذبون } [ القصص : 33 و34 ] ونحوه ؟

أو أن يكونوا( {[16700]} ) في الابتداء خافوهم ، ثم أمنهم الله ، فلم يخافوا ، حين( {[16701]} ) قال : { قال لا تخافا إنني معكما أسمع وأرى } [ طه : 36 ] والله أعلم .

وقوله تعالى : { وكفى بالله حسيبا } قيل : شهيدا على تبليغ الرسالة .


[16695]:في الأصل وم: حيث.
[16696]:ساقطة من الأصل وم.
[16697]:في الأصل وم: أنهم قالوا.
[16698]:في الأصل وم: وحيث.
[16699]:الواو ساقطة من الأصل وم.
[16700]:في الأصل وم: يكون.
[16701]:في الأصل وم: حيث.