التفسير الشامل لأمير عبد العزيز - أمير عبد العزيز  
{وَٱعۡلَمُوٓاْ أَنَّمَآ أَمۡوَٰلُكُمۡ وَأَوۡلَٰدُكُمۡ فِتۡنَةٞ وَأَنَّ ٱللَّهَ عِندَهُۥٓ أَجۡرٌ عَظِيمٞ} (28)

قوله تعالى : { واعلموا أنما أمولاكم وأولادكم فتنة وأن الله عنده أجر عظيم } الفتنة هي المحنة والاختبار والإثم والعذاب . والمراد أن سبب الوقوع في ذلك كله ما ذكر في الآية من الأموال والأولاد . وقد قيل : هذا في أبي لبابة ؛ لأن أمواله وأولاده كانوا في بني قريظة ، فقال ما قاله لهم خوفا على أمواله وأولاده ، فكانوا سببا في وقوعه في الفتنة وهي الإثم والعذاب أو البلاء والمحنة . وقيل : الآية تعم كل من يفتنون بالأموال والأولاد من الناس ، وقد روي عن السيدة عائشة ( رضي الله عنها ) أن النبي صلى الله عليه وسلم أي بصبي فقبله وقال : ( أما إنهم مبخلة مجبنة ، وإنهم لمن ريحان الله عز وجل ) .

وفي الآية تحذير بالغ من الله بعباده من فتنة المال والولد ؛ فإن هذين الصنفين يأتيان في الأوج من زهرة هذه الدنيا . وهما تهواهما الطبائع وتمي إليهما النفوس ميلا عظيما ؛ فهما رأس الافتتان ، وأول ما تفتر أمامهما الهمم والعزائم تتضاءل إزاءهما الإرادات والطاقات . بل إنهما طريق الغواية التي تؤز الأعصاب وتستهوي القلوب فتجنح للاستزادة من المال وإيثار الولد على غيره .

إن في الآية هذه تحذيرا ينتبه به المؤمن الحريص كيلا يضل أو يزل أو يفتتن فيبوء بالسقوط في زمرة الخاسرين والهالكين . وللمرء في استعصامه واستمساكه دون السقوط في الفتنة عرض من الله كبير .

وشتان شتان ما بين فتنة الدنيا من مال وولد ، وعطاء الله الكريم الذي جعله الله عوضا لمؤمنين المخبتين الصابرين على البلاء والمحن ، الناجين من حبائل{[1650]} الشيطان والفتن . وهو قوله سبحانه : { وأن الله عنده اجر عظيم } {[1651]} .


[1650]:الحبائل: الأسباب. انظر القاموس المحيط ص 1268.
[1651]:تفسير البغوي جـ 2ص 243 والبحر المحيط جـ 4 ص 486.